ووصلت مفاوضات فيينا إلى مرحلة يتعين فيها أن تظهر الولايات المتحدة رغبتها في التعويض عن الإجراءات غير القانونية للإدارة السابقة.
وصرح المسؤولون الإيرانيون مرارًا وتكرارًا بأن الهدف الرئيسي لمفاوضات فيينا هو الغاء الحظر الأمريكي غير القانوني وغير الإنساني على الشعب الإيراني. ولا شك في أن حماية الإنجازات النووية لايران والتي تحققت في ظل العمل الجاد والجهود المتفانية للعلماء الإيرانيين، تحظى بنفس الأهمية فيما يتعلق بإلغاء الحظر الجائر على البلاد.
في الحقيقة ما استخدمت كذريعة لفرض الحظر والضغط على إيران ، أصبحت الآن بمثابة قدرة قيّمة لدفع هدف الغاء الحظر الى الامام.
وأظهرت التجربة أنه في ظل غياب آلية عادلة قانونية و سياسية دولية للحفاظ على الحقوق و ضمانها أو في ظل غياب ضمانات موثوقة تؤكد التزام الأطراف المختلفة بها، إن افضل ضمان و أكثره فاعلية هو ما لا يعتمد على مكون أو عنصر خارجي بل يكون تحت تصرف وتحت إرادة الدولة المعنية بشكل كامل.
وهذه الضمانات التي هي نتاج الاقتدار الوطنية لدولة ما، نابعة عن الطاقات والقدرات المستقلة لشعب ما وتعتبر متأصلة في ذاته.
والضمانات التي أدرجتها إيران في المادتين 26 و 36 من الاتفاق النووي ، والتي قررت تنفيذها عام 2019 باقتدار، هي مؤشر على انه يحق لايران اتخاذ إجراءات متبادلة إذا انتهك الطرف الآخر الاتفاق.
إن مفهوم "الضمان الذاتي" هو اجراء شرعي وقانوني في مواجهة خطوة غير شرعية من الطرف الذي تنكث العهود و في نفس الوقت يعتبر ضمانا فعالا وصالحا لمنع الانتهاكات من قبل الدول التي يحتمل أن تكون منتهكة.
ويعد مفهوم "ضمان الوفاء بالالتزامات" الذي اقترحه إيران العام الماضي بالتزامن مع المفاوضات بهدف الغاء الحظر، نوع من التبصر الواقعي لمنع تكرار تجربة خرق واحد أو أكثر من أعضاء للاتفاق النووي.
وكانت قضية الضمانات من أهم محاور مطالب إيران وقضايا مهمة خلال مفاوضات فيينا. وعقدت حتى الآن عدة اجتماعات في هذا الصدد. كما تمت كتابة نصوص بهذا الخصوص ويتواصل النقاش في هذا المجال.
والتزمت إيران لجميع تعهداتها بموجب الاتفاق النووي بعد عام واحد من انسحاب الولايات المتحدة غير القانوني من الاتفاق لمنح الدول الأوروبية فرصة لتعويض الخسائر الناجمة عن انسحاب الولايات المتحدة من الاتفاق.
وأصدرت إيران بيانًا في كانون الأول (ديسمبر) 2020 جاء فيه أنه لن يكون لديها أي قيود تشغيلية في مجالات قدرة التخصيب ، ومعدل التخصيب ، والمواد المخصبة ، والبحث والتطوير وسوف يعتمد برنامج إيران النووي فقط على احتياجاتها الفنية ، وسيستمر التعاون مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية كالمعتاد.
كما أعلنت إيران قبل أشهر أنها تعتزم رفع نسبة تخصيب اليورانيوم إلى 60%..
وان الضمان الأكثر أهمية وفعالية في العلاقات الدولية هو الذي يتمتع بقدرة الرد على انتهاك الأطراف الأخرى للاتفاقيات.
لدى الجانب الآخر في الاتفاق النووي تجربة عن قوة إيران لتنشيط طاقتها النووية في وقت قصير وجهود وإصرار الفريق المفاوض على الحفاظ على الإنجازات النووية الجديدة وصونها وهو يعلم أن إيران تتحلي بخاصية "العودة السريعة" في حال انتهاك الاطراف الاخري للاتفاق.
ويدرك الطرف الآخر الآن جيدًا أن التزام إيران بتعهداتها النووية سيكون "تنفيذًا مشروطًا". وستستمر طالما امتثلت الطرف الآخر بالتزاماته بناءً على معايير التحقق. وفي حالة خرق الطرف الآخر للمعاهدة ، يمكن لإيران أن تعيد إحياء قدرتها النووية بسرعة.
وأقرت صحيفة وول ستريت جورنال مؤخرًا في تقرير نقلاً عن مسؤولين أميركيين أنه لم يعد من الممكن تحقيق ما وصفته واشنطن بـ ""الهروب النووي" او " اختراق الوقت لمدة 12 شهرًا" وتقدم إيران وإصرار الوفد الإيراني على الحفاظ على الإنجازات النووية جعلت من المستحيل تحقيق هذا الهروب.
وان مصطلح "وقت الاختراق" غالبًا ما يستخدم في المناقشات حول برنامج إيران النووي من قبل التيارات المقربة من الكيان الصهيوني بغرض إيرانوفوبيا والايحاء بان برنامج إيران النووي يشكل تهديدا لأمن العالم.
وليس لهذا المفهوم الوهمي والافتراضي أساس واضح ودقيق ، وحتى هناك خلاف بين الولايات المتحدة والكيان الصهيوني حول كيفية حساب هذا الإطار الزمني المزعوم.
وتجدر الاشارة إلى ان الجمهورية الاسلامية الايرانية وبناء على مبادئها الاسلامية والدينية ووفقا لفتوى سماحة قائد الثورة الاسلامية لم تسع ابدا وراء امتلاك اسلحة الدمار الشامل. إضافة إلى ذلك، زار مفتشو الوكالة الدولية للطاقة الذرية المنشآت النووية الإيرانية عدة مرات، لكنهم لم يعثروا على أي دليل على أن برنامج الطاقة النووية السلمية للبلاد ينحرف باتجاه الأغراض العسكرية.
وفنّدت ايران باستمرار المزاعم الغربية بأنها تسعى لامتلاك أسلحة نووية. وأكدت بصفتها دولة موقعة على معاهدة حظر انتشار الأسلحة النووية (NPT) وعضواً في الوكالة الدولية للطاقة الذرية، بأن لها الحق في امتلاك التكنولوجيا النووية للأغراض السلمية.
ارنا