قالت مصادر سياسية بحسب ما نقلته وسائل الاعلام: إن جنودا اعتقلوا معظم أعضاء مجلس الوزراء السوداني وعددا كبيرا من قادة الأحزاب المناصرة للحكومة، الاثنين، فيما يبدو أنه انقلاب عسكري بعد توترات دامت أسابيع بين الجيش والحكومة المدنية.
بعد الأحداث التي شهدها السودان اليومين الاخيرين، رئيس مجلس السيادة السوداني عبد الفتاح البرهان يعلن حالة الطوارئ في البلاد، وحلّ المجلس السيادي والحكومة.
وأعلن رئيس مجلس السيادة السوداني عبد الفتاح البرهان، اليوم الإثنين، حلّ المجلس السيادي والحكومة، إلى جانب إعلانه حالة الطوارئ في البلاد.
وقال البرهان في بيانٍ له: إنّ "الجيش سيواصل الانتقال الديمقراطي لحين تسليم السلطة إلى حكومة مدنية منتخبة"، لافتاً إلى أنّ هناك "حاجة للجيش لحماية أمن وسلامة البلاد وفقاً لما ينص عليه الإعلان الدستوري".
وأضاف البرهان أن "الحكومة المتوازنة تحوّلت إلى صراع بين أطراف الانتقال"، مؤكداً "الالتزام بالاتفاقات الدولية الموقعة".
كما أعلن عن حلّ مجلس السيادة والحكومة، داعياً إلى إجراء انتخابات في تموز/ يوليو 2023.
وكشف البرهان أن "مديرو العموم في الوزارات والولايات سيتولون تسيير الأعمال"، موضحاً أن "حكومة مستقلة ستحكم السودان حتى موعد الانتخابات".
ووعد البرهان بخلق "بيئة مناسبة للأحزاب السياسية وصولاً إلى الانتخابات"، معلناً أيضاً تعليق عمل لجنة لمكافحة الفساد.
كما أكّد أنه سيتم تشكيل "برلمان ثوري من الشباب"، وأنه "ملتزم باتفاق السلام المبرم مع الفصائل المتمردة في جوبا".
كذلك أعلنت وزارة الإعلام السودانية أنّ "ما حدث في السودان هو انقلاب عسكري متكامل الأركان"، داعية الجماهير إلى "قطع الطريق على التحرّك العسكري حتى إسقاط المحاولة الانقلابية"، ومطالبةً بإطلاق سراح المعتقلين.
ودعا تجمّع المهنيين السودانيين في وقت سابق اليوم، "الشعب السوداني إلى الخروج إلى الشارع لمقاومة أي انقلاب عسكري"، داعياً أيضاً "لجان المقاومة والقوى الثورية إلى تفعيل شبكة الاتصال الأرضي المجربة".
ويعيش السودان حالةً من التوتر منذ أن أفسحت محاولة انقلاب فاشلة الشهر الماضي المجال لتراشق حاد بالاتهامات بين الطرفين العسكري والمدني اللذين يفترض تقاسمهما السلطةَ بعد إطاحة الرئيس السابق عمر البشير في العام 2019.
وتعليقاً على الأحداث في السودان، ادعت جامعة الدول العربية أنها تدعو إلى التقيد بالوثيقة الدستورية، ومنظمة التعاون الإسلامي تؤكد أن الحوار هو السبيل نحو الحل.
وأثارت التطورات المتسارعة في السودان ردود فعل عربية ودولية بعد اعتقال رئيس وزراء السودان وقادة المكون المدني الشريك في حكم البلاد.
وفي هذا السياق، أعرب الأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبوالغيط، الإثنين، عن قلقه إزاء تطورات الأوضاع في السودان، داعياً جميع الأطراف إلى التقيد بالوثيقة الدستورية.
وقال أبو الغيط في بيان له الإثنين إنه "يجب احترام جميع المقررات والاتفاقات المتوافق عليها بشأن الفترة الانتقالية بالسودان وصولاً إلى عقد الانتخابات في مواعيدها"، مشدداً على "ضرورة الامتناع عن أيّ إجراءات من شأنها تعطيل الفترة الانتقالية أو زعزعة الاستقرار في السودان".
من جهتها، أعلنت منظمة التعاون الإسلامي أنها تتابع تطورات الوضع في السودان، داعيةً جميع الأطراف إلى الالتزام بالوثيقة الدستورية.
وقالت المنظمة في بيان لها إن "الحوار هو السبيل لتجاوز الخلافات تغليبا للمصلحة العليا للشعب السوداني ولتحقيق تطلعاته في الأمن والاستقرار".
وفي سياقٍ متصل، أعربت دولٌ غربية ومنظمات أممية عن قلقها من التطورات في السودان، وعلى رأسها أميركا وبريطانيا وروسيا والاتحاد الأوروبي والأمم المتحدة.
وجاءت ردود الأفعال بعد نقل وزارة الإعلام السودانية رسالةً عن رئيس الوزراء السوداني عبد الله حمدوك، من مقرّ إقامته الجبرية، يطلب من السودانيين التمسّك بالسلمية.
وبعد كلام حمدوك، أكّدت وزارة الإعلام السودانية أن قوة من الجيش اعتقلت رئيس الوزراء ونقلته إلى مكان مجهول.
ودعا تجمّع المهنيين السودانيين "الشعب السوداني إلى الخروج إلى الشارع لمقاومة أي انقلاب عسكري"، داعياً أيضاً "لجان المقاومة والقوى الثورية إلى تفعيل شبكة الاتصال الأرضي المجربة".
وقبل أيام، جدّدت قوى "إعلان الحرية والتغيير" في السودان دعمها لرئيس الوزراء عبد الله حمدوك، محذرةً من "انقلاب زاحف".
وفي أيلول/سبتمبر الماضي، قال مصدرٌ عسكري سوداني إنّ "مجموعة انقلابية في السودان حاولت السيطرة على الأوضاع في البلاد".
وبدأ السودان مسيرة التحول إلى الديمقراطية بعد انتفاضة شعبية في أبريل عام 2019 أطاحت بحكم عمر حسن البشير، وهو إسلامي نأى عنه الغرب وحكم البلاد لنحو 3 عقود.
وبموجب اتفاق أُبرم في أغسطس 2019، يتقاسم الجيش السوداني السلطة مع مسؤولين معينين من جماعات سياسية مدنية داخل مجلس السيادة الحاكم الذي كان من المقرر أن يقود البلاد لانتخابات بحلول نهاية عام 2023.
على الرغم من أن دور العسكريين كان يفترض أن يكون شرفيا إلى حد كبير، شكا المدنيون مرارا من تجاوز الجيش صلاحياته فيما يتعلق بالسياسة الخارجية ومفاوضات السلام.
واتهم الجيش الأحزاب المدنية بسوء الإدارة واحتكار السلطة. وانحاز ائتلاف من جماعات معارضة وأحزاب سياسية مع القوات المسلحة وسعوا لحل مجلس الوزراء المدني.
وقالت السلطات في سبتمبر إنها أحبطت محاولة انقلاب واتهمت متآمرين موالين للبشير.
وتتعلق إحدى نقاط التوتر بالسعي لتحقيق العدالة بشأن مزاعم ارتكاب الجيش السوداني وحلفائه جرائم حرب في الصراع في دارفور منذ عام 2003.
وتسعى المحكمة الجنائية الدولية إلى محاكمة البشير وسودانيين آخرين مشتبه بهم، بينما وافق مجلس الوزراء المدني على تسليم المشتبه بهم، لكن مجلس السيادة لم يفعل.
نقطة أخرى هي التحقيق في قتل متظاهرين مطالبين بالديمقراطية في الثالث من يونيو 2019، في واقعة اتجهت فيها أصابع الاتهام لقوات عسكرية. ويثير التأخر في نشر نتائج هذا التحقيق غضب الناشطين وجماعات مدنية.
كما ضغط المدنيون من أجل الرقابة على الجيش وإعادة هيكلته، لا سيما من خلال دمج قوات الدعم السريع شبه العسكرية التي لها وضع قوي، وهو الأمر الذي يعارضه القادة العسكريون.