معرف الأخبار : 67636
تاريخ الإفراج : 5/18/2021 3:29:32 AM
مهنة الطب.. واجب انساني أم مرتع للربح؟

مهنة الطب.. واجب انساني أم مرتع للربح؟

من المتعارف عليه أن الطب مهنة إنسانية بحتة، والأجر الذي يتقاضاه الطبيب (الحكيم سابقا) هو هدية من أهل المريض إذا تعافى وعادة ما تكون مجزية.في فترة زمنية ليس ببعيدة، كان أهل الخبرة في طب الأعشاب، يجوبون البلدان لتقديم المساعدة لمختلف الحالات المرضية باستخدام خلطات ورثوها عن علماء جيلا بعد جيل في هذا المجال نتيجة التجارب التي أجريت على الحيوانات والبعض منها على الإنسان، حققت نجاح باهرا وأنقذت الجيل البشري من أمراض خطيرة كادت أن تتسبب بهلاكه.

أما مهنة الطب في وقتنا الحالي وفي العراق بالتحديد أصبحت أرقى مهنة بحسب نظر البعض وتفكيرهم المحدود؛ فهم يعتقدون أنها مصدر لكسب الشهرة والمال الكثير بطريقة مشروعة ،في حين هي مهنة إنسانية وفي الوقت ذاته مهنة مخاطر تضع حياة الإنسان على المحك إذا استخدمت بالشكل غير الصحيح.

ومن يأبه في العراق لحياة الآخرين؟! فكم من إنسان أزهقت روحه نتيجة حقنة بالخطاء أو استخدام علاج وصفه طبيب فاشل همه كسب المال، وخير دليل على أن هذه المهنة اتخذها الكثير لكسب المال، تفاوت الأجور بين الأطباء بحسب الشهرة والقدم حتى أصبح العلاج بالحجز، فتنتظر لعدة أيام حتى تصل إلى شهر لمقابلة الطبيب، وإذا كانت الحالة المرضية حرجة جدا يأخذ المريض إلى المستشفى الحكومي ليموت وسط كومة من الأطباء والطبيبات وحتى الممرضين عديمي الخبرة كما يسمونهم (مقيم دوري أو بالأحرى مطبق) لأنهم زجوا في المستشفيات والمراكز الصحية مباشرة بعد تخرجهم ليطبقوا ما تعلموه من محاضرات نظرية على دمى بلاستيكية، على إنسان يجود بنفسه في لحظاته الأخيرة، فليس هناك طبيب اختصاص فهو يتنقل بين المستشفيات الأهلية بحسب رغبته، فضلا عن عيادته التي لها الأولوية.

تنتشر هذه الحالة في مختلف محافظات العراق لكثرة عيادات الأطباء وأصبحت أحياء، مخصصة لهم، فهم أشبه بالملوك. فحتى في عيادته يأتي الطبيب في الوقت الذي يشاء وإذا أراد السفر إلى مكان ما، يضع مكانه طبيب في طور الممارسة حتى لا يخسر زبائنه الذين اعتاد على امتصاص ما يكتنزونه من دراهم معدودة لمصائب الدهر، وهذا كله بسبب غياب القانون وعدم خضوع أولئك الطفيليين إلى الرقابة من جهات حكومية.

وقد يخفى على البعض أن الطبيب بالاتفاق مع شركات دوائية رديئة أو تعمل بماركة مزورة على صرف أدويتها لتحسب له نسبة من أرباح تلك الشركة، ومنهم من يأخذ مجمعا كاملا مجهزا بكل الأجهزة الطبية التي يحتاجها ويعين كوادر طبية مثل خبراء التحليل المرضي أو الصيدلانيين، ويحسب لهم أجرا معين، فهو من يدير العمل ليصبح في النتيجة تاجرا على حساب الفقراء.

لكن ليس جميع الأطباء جشعين وعديمي الرحمة، فهناك أطباء نموذج في الإنسانية ومعاملة المريض بلطف كأنه أحد أفراد عائلتهم، كما أخبرني به أحد الأطباء عندي مراجعتي لعيادته بأن أول ما تعلمه من أساتذته في الجامعة هو أن المريض فرد من أفراد أسرته.أما في البلدان العربية فالطبيب الخاص لا يعمل في القطاع العام كما هو الحال في مهنة المحاماة في العراق، إذ لا يجوز للمحام ممارسة مهنته إذا كان موظفا في إحدى الدوائر الحكومية أو التوكل في دعوى إلا لأقاربه من الدرجة الأولى، إذ يأتي الطبيب الخاص في دولة مصر العربية إلى منزل المريض من خلال طلبه عبر الهاتف أو وسيلة إحضار أخرى مع الرقابة المشددة عليه من الحكومة رغم توفر هذه الخدمة للمرضى.

ونتيجة الفوضى في العراق واختلاف موازين الحياة وسيادة الواسطة والمحسوبية أصبح هم الطالب الذي يكمل دراسته الإعدادية البحث عن وظيفة مرتفعة الأجور بغض النظر عن أنه يحبها أو من ضمن اختصاصه، وهذا يعتمد على معدله ليقبل في كلة الطب أو الصيدلة ليكن تاجرا … فياليتني كنت طبيباً

بقلم الكاتب والصحفي العراقي – رسول عبيـــد الشبلي


نورنيوز
تعليقات

الاسم

البريد الالكتروني

تعليقك