أدار الإحتفال التي نظم بمقر السفارة بالعاصمة الجزائرية السيد إلياس براثن، مدير مكتب سعادة السفير، بحضور طاقم السفارة الإيرانية بالجزائر.
وبهذه المناسبة السعيدة ، ألقى سعادة السفير الإيراني بالجزائر حسين مشعلجي زاده كلمة، وجه من خلالها شكره للحضور الكريم الذي اقتصر على النخبة الثقافية و الأسرة الإعلامية، فقد حالت جائحة كورونا التي يشهدها العالم بأسره دون تنظيم حفل استقبال بحضور العديد من الشخصيات الجزائرية منهم الوزراء ونواب البرلمان ورؤساء الأحزاب والمسؤولين السامين في الخارجية الجزائرية والشؤون الدينية، وعدد كبير من الأساتذة الجامعيين ورجال الإعلام، بالإضافة إلي ممثلين عن السلك الديبلوماسي المعتمد بالجزائر كما جرت عليه العادة في السنوات السابقة.
كما أكد المبعوث الإيراني أن دعم الجمهورية الإسلامية الإيرانية للقضية الفلسطينية والقدس الشريف ونضال الشعب الفلسطيني المشروع ضد المحتلين مستمد من مبادئ الثورة الإسلامية الأصيلة المناهضة للظلم و الغطرسة، و أن الجمهورية الإسلامية الإيرانية دأبت على الإحتفال به في الجمعة الأخيرة من شهر رمضان الفضيل سنويا ومنذ إنتصار الثورة الإسلامية في عام 1979 م ، حيث أمر قائد الثورة الإسلامية الإيرانية سماحة الإمام الخميني، رحمه الله، بإحيائه سنويا دعما ونصرة لفلسطين وشعبها المظلوم .
و أشار سعادة السفير الإيراني إلى الإنطلاقة المباركة ليوم القدس العالمي من الجمهورية الإسلامية الإيرانية بفضل الإمام الخميني، قدس الله سره، في شهر رمضان عام 1399 هـ ـ07 من آب/ أغسطس عام 1979 م ، ما يؤكد على محورية القضية في فكر المرشد الأعلى للجمهورية الإسلامية آنذاك، حيث دعى المسلمين إلى تكريس الجمعة الأخيرة من الشهر الفضيل لإعلان التضامن الدولي مع فلسطين و للوقوف وقفة واحدة ضد تجاوزات الإحتلال الصهيوني الغاشم، ليصبح بذلك أكبر حدث عالمي، يجتمع فيه الشرفاء للتنديد ضد وحشية و فضاحة الجرائم الصهيونية بحق الشعب الفلسطيني الأعزل و المطالبة بحقوقهم المشروعة و بإلغاء مشروع حذف فلسطين من خارطة الجغرافيا العالمية، و لرفع الصوت بأن العالم الحر كله يقف مع مظلومية الشعب الفلسطيني.
وقال أن يوم القدس الذي أعلنه الامام الخميني أسس لمشروع نهضوي ثقافي بامتياز، وتعبوي شعبي، لايجاد اليقظة في ضمير الأمة، ذلك أن القدس ليست مجرد مدينة مقدسة بالنسبة للمؤمنين في العالم فقط، وليست عاصمة أبدية لفلسطين المحررة فحسب، بل هي عنوان جامع يلتقي حوله كل شرفاء العرب والمسلمين، وكل أحرار العالم ، و هي رسالة إنسانية مخضبة بقيم العدالة والايمان.
كما أعرب سعادة السفير عن سعادته البالغة بأداء مهامه في الجمهورية الجزائرية الديمقراطية الشعبية، هذا البلد الذي جاهر بضرورة دعم القضية الفلسطينية، مشيرا إلى أن إيران تشترك مع الجزائر في نصرة القضايا العدالة ولعل أهمها القضية الفلسطينة التي تشن ضدها حرب إعلامية كبيرة تصور أن هذا الشعب شعب إرهابي، ومن هذا المنطلق، دعى سعادة السفير إلى ضرورة تضافر الجهود على كافة المستويات السياسية و الثقافية و العسكرية إلخ...، ودعم المجاهدين والمقاومين، و كل الحركات التحررية سياسياً واقتصادياً وعسكرياً وعلى جميع المستويات، خاصة في الوقت الراهن، حيث استفحل التهويد والاستيطان و الظلم بشكل غير مسبوق.
و أردف موضحا أنه لن تقوم للمسلمين قائمة بدون التضافر لأن الصراع الفلسطيني- الصهيوني هو صراع متعدد الأطراف، بين فلسطين من جهة، وعناوين الشر والعدوان من قوى الإستكبار العالمي و الحكام المستبدين من جهة أخرى. فالولايات المتحدة الأمريكية وبرطانيا هما اللذين صنعا هذا الوجود و يعززونه اليوم بدعم لا محدود من أجل استعمار الشعوب الإسلامية والقضاء عليها.
فبحسب سعادة السفير، فإن القدس لا تخص الفلسطينيين وحدهم، إنما كل المسلمين، مشيرا إلي أن الأعداء يحاولون زرع الفرقة في الأمة الإسلامية من خلال تحريف الرأي العام الإسلامي عن القضية الفلسطينية وجعلها قضية ثانوية فرعية وإخراجها من سلة أولويات الأمة، داعيا الأسرة الإعلامية الجزائرية أن تضطلع بدورها بإعتبار الإعلام الحلقة الأساس في تشكيل الرأي العام و التوعية وإدارة الأزمات السياسية، إذ أضحى مشاركا رئيسيا في صنع الأحداث السياسية، وسلاحا يفوق كل أصناف الأسلحة التقليدية المعروفة في ميادين القتال، حيث باتت الحملات الإعلامية تسبق الحملات السياسية و العسكرية و تمهد لها، و أضحى دوره بالغا في تشكيل الرأي العام. و ردا عن الحملات الإعلامية الغربية التضليلية التي تصور الصهيوني بالضحية، في حين ترمي الفلسطيني المهجر من أرضه و المجرد من تاريخه بأبشع التهم، دعى سعادة السفير الأسرة الإعلامية إلى تبني القضية الفلسطينية و إيجاد مساحة صوت لها في الفضاء الإعلامي و العمل على محورين، هما: نقل الحقائق و مقارعة هذا الظلم، والعمل على تعبئة الشعوب الإسلامية تربوياً وثقافياً وسياسياً وجهادياً في مواجهة الصهيونية، وإفهامهم أن الصراع لا يدور حول فلسطين فقط، بل حول أصل الإسلام ومستقبل الشعوب الإسلامية في المنطقة، وثانيا العمل على خنق و كشف كذب و تدليس الآلة الإعلامية المضادة و الإستكبارية التي تزيف الحقائق و تلمع صورة كيان محتل و تصوره بأنه بلد ديمقراطي حضاري.
فلم يكن اختيار الأسرة الإعلامية لحضور هذا الإحتفال اعتباطيا، كما أكده سعادة السفير، لما تلعبه الآلة الإعلامية من دور محوري في تشكيل الرأي العام بإعتبارها من أكثر الأسلحة فتكا في عصرنا الحديث و أقوى أدوات الهيمنة و التضليل لإرتباطها المباشر مع الشعوب، حيث تعتمد عليها الدول المهيمنة لتخريب بلدان وأمم، ومسخ وجودها القيمي والمجتمعي، وتحولها إلى حالات استنساخ تفتقد لأي نوع من الأصالة والتميز، فوقوع المجتمعات المناهضة للإستعمار و الهيمنة ، تحت أسر صور وتصورات الدول الإستكبارية، قاد إلى عملية خلق مشوهة في صناعة الرأي العام.
كما نوه سعادة السفير إلى أن إحتفالات هذه السنة ستكون ذات طابع خاص، تحمل شعار "لا للتطبيع"، للتنديد ضد الإنحدار المدوي لبعض الدول العربية، التي تتسول وجودها وتنتحب تاريخها، حيث شهد البيت الأبيض، في الفترة الأخيرة مراسم توقيع الإمارات و البحرين ومن ثم المملكة المغربية اتفاقات التطبيع مع الكيان الصهيوني الغير شرعي برعاية أميركية، ولم يختتم المشهد هنا، فالملك السعودي سلمان وولي العهد محمد بن سلمان أعلنا أيضا أن بلدهم منفتحة على المشروع وستنظم إلى ما أسمياه" السلام" على حساب الدين والأمة والمقدسات والقيم والمبادئ، متنكرين للحقوق الفلسطينية وعلى رأسها حق العودة وكذلك للمقدسات الاسلامية في فلسطين التي تنتهك حرمتها يوميا وعلى رأسها المسجد الاقصى المبارك، و متناسين آثار التطبيع التي ستنسف بنسيج الأمة وتاريخها وتطيح بالكثير من عوامل صمودها واستمرارها، حيث نوه سعادة السفير إلى مخططات القوى الإستكبارية في بسط نفوذها في منطقتنا و لتحقيق ذلك، عملوا على خلق قاعدة آمنة في قلب هذه المنطقة لضمان بسط المزيد من هيمنتهم. ففي الحرب العالمية الأولى، قاموا بتقسيم منطقة غرب آسيا -أي القسم الآسيوي من الأرض الخاضعة للحكومة العثمانية- باعتبارها من أهم غنائم الحرب في مؤتمر باريس، و مهدت لذلك بريطانيا بسنوات عن طريق إدراج مشروع بالفور بالتعاون مع أرباب الأموال اليهود لإستحداث بدعة أُطلق عليها اسم الصهيونية، حتى تنخر كيان الأمة الإسلامية، و توالت السنين و توفرت الأجواء لتنفيذ هذه المخططات حتى تم الإعلان الفعلي عن إنشاء هذه الغدة السرطانية الخالية من الشعب بهدف بناء قاعدة لتواجدهم بالمنطقة الإسلامية.
و أضاف سعادة السفير أن هذا الكيان الغاصب راح في التوسع و عمل على الجانب السياسي، منتهجا سياسة التطبيع مع الدول الإسلامية لتقوية موقفه في المحافل الإقليمية والدولية، وتهويد الدولة، المتمثل في الحجر الأساس لخطة تهجير الشعب الفلسطيني من أرضه، حيث خلق له نخبا أمنية واقتصادية عربية جديدة متناغمة معه على حساب حقوق الشعب الفلسطيني، حيث آثرت هذه الأنظمة الإحتفاظ بإمتيازاتها و مكانتها ضاربة بعرض الحائط مضلومية الضعب الفلسطيني و قدسية قضيته و لم تستشره في خطوة التطبيع.
كما حذر سعادة السفير من خطورة التطبيع الذي من شأنه السماح للأجهزة الصهيونية بالتغلغل في قلب النظام العربي و بسط النفوذ من النيل إلى الفرات، لأن المشروع الصهيوني الخبيث لن يقتصر على السيطرة على فلسطين فحسب، بل سيمتد ليشمل المنطقة برمتها ، فإسرائيل الكبرى من منظار الإمام الخميني، رحمه الله، لا حدود لها، وهذا ما أعلنته من خلال مشروعها التوسعي "من النيل الى "الفرات"، ما يؤكد نظرته الثاقبة بأن لا خيار دبلوماسي للتفاوض من شأنه حلحلة الصراع.
وختم كلامه بالقول في كل عام نزداد يقينا أننا نقترب خطوة أخرى من حرية القدس ومن تحرير الأرض المقدسة "فلسطين" وانعتاق العالم كله من هيمنة الاستكبار وتسلطه على أقدار الشعوب ومصائرها، مغتنما هذه الفرصة لإرسال السلام إلى الإمام الخميني، طاب ثراه، وزف التحايا للمقاومين الفلسطنين.
تنوّعت كلمات المتدخّلين في الندوة الفكرية التي سبقت الإفطار، لكنها شدّدت جميعها على أهمية الاحتفال بهذا اليوم الذي دعا له الامام الراحل آية الله الخميني، باعتباره آلية نضالية لديمومة الارتباط بالقضية الأم وهي فلسطين وعاصمتها القدس أمام محاولات سلخها عن محيطها الجغرافي والثقافي والحضاري، مؤكدين على إنكشاف مخططات بعض الأنظمة لبث الفتنة والاقتتال بين شعوب المنطقة ودولها خدمة للعدو الصهيوني ورغبة في التطبيع معه واستحداث عدو آخر مكانه. كما أبدوا اعتزازهم بهذه السنة التي سنها الإمام الخميني الراحل قدس سره بأن جعل آخر جمعة من شهر رمضان يوما عالميا للقدس ليبقي القدس حاضرا في وجداننا.
شارك الشيخ أحمد ابراهيمي، ، رئيس جمعية البركة، في تظاهرة يوم القدس العالمي، حيث قدم مداخلة معرفية حول بيت المقدس، عرج من خلالها على أهم المحطات التي مرت بها القضية الفلسطينية ، كما ركز الشيخ الابراهيمي على أهمية مساندة الشعوب للقضية الفلسطينة ذاكرا بعض المحطات التي جعلت الاحتلال الصهيوني يراجع حساباته اتجاه المقدسيين في القدس. ركز الشيخ حول إسهامات الدول في تقديم الدعم للمقدسيين والمرابطين في المسجد الأقصى لصد التمدد الصهيوني في رحاب المسجد الأقصى وصد محاولات الاقتحام التي تسعى المنظمات الصهيونية المتطرفة إلى تنفيذها .
ذكر الشيخ الحضور بأهمية السعي والعمل والاجتهاد في خدمة القضية الفلسطينية لأن خدمتها من خدمة الأمة والدين ، و ضرورة نصرة المشروع الفلسطيني الذي سيحرر الأمة من قيود الصهيونية ، في الأخير ذكر الشيخ الحضور خاصة الجزائريين منهم بضرورة مواصلة النضال على نهج الأجداد والشرفاء وإعتبار هذه القضية كشرفهم وهي كذلك، فهي الحلقة الرابطة بين جيل الاستقلال وجيل التحرير.
أشار الشيخ إلى قدسية القضية الفلسطينية، لأن الصراع فيها وحولها وعليها إنّما يتّصل ويمتدّ لأنّها أكثر من أرض ، فهي كانت وما زالت عقدة الصراع الدولي منذ تلك الحروب التي شنها الغرب قبل مئات السنين على هذه المنطقة والتى عرفت بالحروب الصليبية وصولا إلى وقتنا الراهن، فمن يملك السيادة على القدس ، يملك مفاتيح القوة ومقاليد الحرب والسلام في هذا العالم.
واعتبر انه عندما نتحدث عن القدس إنما نتحدث عن عموم فلسطين التي هي حوض الحضارات والأرض التي سار على ترابها الانبياء وانطلقت منها مشاعل النور إلى اصقاع الدنيا، ولذا لم تعد القدس قضية الفلسطينيين والعرب والمسلمين والمسيحيين فحسب، بل بات يتضح لنا يوما بعد يوم أنها قضية حرية المستضعفين في هذا العالم أيا كانت انتماءاتهم الدينية والروحية، فعندما تكون القدس حرة يعم السلام، وعندما تقع في الأسر كما هو الحال الان تختل موازين العدالة الدولية و يصبح العالم كله في خطر، فهي الأرض التي تعطلت آلة الزمن من أجلها و أبت الشمس أن تغرب و توقفت الأرض عن الدوران أثناء إحدى حروب يوشع بن نون عام 3500 قبل الميلاد.
كما نبه المتحدث إلى معاناة الإنسانية برمتها من الحركة الصهيونية، لأن الكيان الجاثم على أرضنا لم تسلم منه أي بقعة على وجه الأرض لأن مشروعه فوق الأرض هو الفساد لا غير، و ذكر، في هذا المقام، تسليح الكيان الصهيوني لجيش ميانمار لاضطهاد أقلية الروهينغا في إقليم أراكان (غيتي). ومنه تتجلى أهمية يوم القدس العالمي، الذي انطلق منذ أربعة عقود، ليتجدد فيه المعنى الروحي والحضاري والاستراتيجي لهذه الأرض المقدسة.
ولفت السيد إبراهيمي عناية الحضور الكريم إلى ضرورة تسليط الضوء على مناقب و إنجازات الشعب الفلسطيني الباسل و المقاومة المضفرة، لأن التركيز على ما يقوم به الإحتلال و تناسي ما يقدمه الثوار من شأنه خدمة المشروع الصهيوني، مضيفا أن المقاومة المضفرة تمكنت من تعديل ميزان القوى و تشكيل حلقة قوية ينتبه لها العدو و يحسب لها ألف حساب.
وفي هذا الصدد، عاب المتحدث على الإعلام عدم تسليط الضوء كما يجب على إنتصار المقدسيين في معركة باب العامود المحتل منذ سنة 1967، حيث اندلعت شرارة المواجهات في مدينة القدس الشرقية المحتلة، مع بدء شهر رمضان الجاري، بعد قرار الكيان الصهيوني، بشكل غير مبرر، منع الفلسطينيين من التواجد في ساحة "باب العامود"، واشتدت تلك المواجهات، مع دعوة جماعات صهيونية إلى حرق العرب، والتواجد في ذات المكان. وكان من اللافت، أردف المتحدث، إطلاق فصائل فلسطينية في غزة عشرات الصواريخ على المستوطنات الصهيونية القريبة من القطاع، ردا على انتهاكات الاحتلال في القدس. ومع صمود المقدسيين، وحملات التضامن الفلسطينية في الضفة الغربية وقطاع غزة، استسلم الكيان الأهون من بيت العنكبوت، وألغى إجراءاته، وسحب قواته من باب العامود، وهو ما نعتبره نصرا كبيرا وجب تسليط الضوء عليه.
و شدد السيد إبراهيمي إلى أن علامة النصر بادية، مصداقا لقوله تعالى: "لَا يُقَٰتِلُونَكُمْ جَمِيعًا إِلَّا فِى قُرًى مُّحَصَّنَةٍ أَوْ مِن وَرَآءِ جُدُرٍ ۚ بَأْسُهُم بَيْنَهُمْ شَدِيدٌ ۚ تَحْسَبُهُمْ جَمِيعًا وَقُلُوبُهُمْ شَتَّىٰ ۚ ذَٰلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لَّا يَعْقِلُونَ" (الحشر: 14)، مشيرا إلى قيام الكيان الصهيوني بتشييد الجدران والسياجات الحديدية؛ في الضفة الغربية، وفي غزة، وعلى حدوده مع الأردن ومصر وسوريا ولبنان، فاليهود لن يواجهوا المسلمين إلا في قرى محصنة بالأسوار والخنادق، أو من خلف الحيطان، لأنهم ليسوا أهل قتال، فطبيعتهم واهية تخاف الموت و تحرص على الحياة، فلا ينبغي للمسلم أن يهابها أثناء القتال حتى لو كانت الغلبة في العدة و العتاد لصالحهم. و أردف أن الله أضاف كلمة (جُدُر) بعد ذكر القرى المحصنة لأن اليهود حين يقاتلون المسلمين فإن لهم في قتالكم حالتين، الأولي أن يتحصنوا بداخل قُراهم التي بالغوا في تحصينها، أما الثانية فالخروج و ذلك يستلزم ترك القرى المحصنة و لما كانوا أجبن من ذلك، فقد كانت فكرة الجدار هي الأنسب لهم لكي يتمكنوا من التحرك خارج حصونهم.
وأضاف أيضا أن الآية الكريمة تكشف عن الطبيعة النفسية لليهود الذين برعوا في تدبير المؤامرات ونقض المعاهدات وتزييف التاريخ وتحريف الدين والافتراء على الله وعلى كتبه، وأنبيائه ورسله، ما جعلهم متفرقين عداوتهم فيما بينهم شديدة، تظن أنهم مجتمعون على كلمة واحدة، ولكن قلوبهم متفرقة؛ وذلك بسبب أنهم قوم لا يعقلون أمر الله ولا يتدبرون آياته، ووضح المتحدث أنه إطلع على أكثر من 50 دراسة صهيونية، أجمعت كلها على فشل المشروع الصهيوني و أنه لا مستقبل لهم في المنطقة و الدليل على ذلك هو توقف حملات الهجرة للكيان.
ومن باب من لم يشكر الناس لم يشكر الله، قدم المتحدث و أعضاء جمعيته شكرهم الجزيل للجمهورية الإسلامية الإيرانية على عزمها لتقديم الغالي و النفيس لآخر رمق حتى تطهير هذه الأرض المقدسة التي وطأتها أقدام الأطهار من النبيين والوصيين، حيث عرف عن إيران تزويد المقاومة الإسلامية بفلسطين بمختلف توجهاتها، دون نظرة مذهبية ، بالخبرات العسكرية والسلاح والتدريب، وحتى على مستوى التصنيع العسكري الذي طور من قدراتها، والذي كان يشرف عليه شخصيا قائد فيلق القدس التابع للحرس الثوري الإيراني السابق الشهيد الفريق الحاج قاسم سليماني، ما جعله رحمه الله شهيد القدس كما وصفه إسماعيل هنية وحقا إنه وصف يناسب الموصوف، ناهيك عن الدعم المالي والمساعدات الإغاثية والطبية والتعليمية والعلمية ودفع الرواتب.
كما عبر أعضاء الجمعية عن إمتنان الشعب الفلسطيني للجمهورية الإسلامية الإيرانية نواة المقاومة الإسلامية و السند الظهير للشعب الفلسطيني الأعزل.
ومن جهته، وجه مدير جريدة الوسيط المغاربي، السيد بلقاسم فرحات، كلمة، قرأتها نيابة عنه تلميذة مجتهدة تدعى خديجة، سميت بهذا الإسم تيمنا بسيدة العالمين سيدتنا خديجة، رضي الله عنها، أم السيدة فاطمة، عليها السلام، و تزينت بالأعلام الإيرانية و الجزائرية و الفلسطينية. أعرب السيد فرحات، من خلال مداخلته، عن إمتنانه للسفارة الإيرانية بالجزائر على تنظيم هذا الإحتفال بمناسبة حلول يوم مشهود في مسيرة الأمة الإسلامية، بإعتباره يوما مقدسا عند المسلمين و الأحرار في العالم.
و أشار المتحدث إلى أن يوم القدس العالمي هو حدث سنوي يعارض احتلال الكيان الصهيوني للقدس و مناسبة لحشد الهمم و إقامة التظاهرات المناهضة للصهيونية في بعض الدول العربية و الأسلامية و المجتمعات الإسلامية في مختلف أنحاء العالم، تيمنا بنهج الإمام الخميني، طاب ثراه، الذي أعلن بأن يوم الجمعة الأخيرة من شهر رمضان الفضيل، أو الجمعة اليتيمة أو جمعة الوداع هي يوما عالميا للقدس.
و أردف قائلا أن الدعوة المباركة التي أعلنها الإمام قد آتت اكلها، و المتمثلة في استنهاض الثورة الفلسطينية، و تحفيز المسلمين على الجهاد المقدس بخطوات أمضى و ضربات أضحت تدك العمق الصهيوني وتقض مضاجعه و تزلزل أركان هذا الكيان الغاشم المحتل لفلسطين، مهد الحضارات و القـدس، القبلـة الأولى والمدينـة المقدسـة الثالثـة للمسـلمين و موطن المعـراج السـماوي لرسـول اللـه صلـى اللـه عليـه وعلى آله وسـلم.
و أشار السيد فرحات إلى أن ذكرى يوم القدس العالمي عملت، خلال العقود الأربعة الماضية، إلى حشد همم المجاهدين و الثوار في داخل فلسطين و خارجها تجاه القضية الأولى للمسلمين و الأحرار في العالم أجمع، مضيفا إلى أن العدو الصهيوني يواجه اليوم تهديدا متصاعدا نتيجة لمعطيات يوم القدس العالمي، و منها تعاظم الفصائل الإسلامية و الوطنية الفلسطينية، حيث تتولى الإنتفاضات و العمليات البطولية داخل الأرض المحتلة، وهي حالة ثورية أصيلة، تكامل فيها المجاهدون الفلسطينيون مع المجاهدين الإيرانيين و اللبنانيين من حزب الله و السوريين و العراقيين ليشكلوا معا قوة إقليمية ظافرة، عنوانها جبهة المقاومة المعومة من طرف الجمهورية الإسلامية الإيرانية التي أعادت الإعتبار إلى ثابتة الصراع والمواجهة ومحاربة المشاريع المعادية ووفرت الدعم للمقاومة في جميع ساحاتها لمواجهة المشروع الأمريكي الصهيوني الرجعي في الشلارق الأوسط وغرب آسيا.
وختم المتحدث كلمته بالتشديد على ضرورة مواصلة النضال حتى ازالة هذا الكيان الصهيوني المعتد من الوجود و إعادة فلسطين إلى أهلها الأصليين بعدما شردوا منها منذ عام 1948 و حتى يومنا هذا.
بقلم/ هناء سعادة
نورنيوز