معرف الأخبار : 67317
تاريخ الإفراج : 5/9/2021 3:37:24 PM
قراءة في تطورات محادثات فيينا ومقتضيات المرحلة المقبلة

قراءة في تطورات محادثات فيينا ومقتضيات المرحلة المقبلة

عُقدت الجولة الرابعة من المفاوضات بين إيران ومجموعة 4 + 1 بغية "رفع العقوبات الأمريكية وإحياء الاتفاق النووي" في فيينا يوم الجمعة المنصرم 8 مايو/أيار.

وضع المفاوضات على المسار الصحيح هو الكلمة الرئيسية التي استخدمها رئيس الوفد الايراني المفاوض حتى الآن في إطار "توضيح عملية التفاوض"، لكن لم تعلن إيران ولا أمريكا حتى الآن "تفاصيل مهمة عن المفاوضات" يمكن على أساسها إجراء "تحليل أكثر دقة".

على الجانب المقابل، أكد المتحدثون الأمريكيون الذين لم يحضروا المفاوضات بشكل رسمي ولا مباشر، على مدى تعقيد وصعوبة المحادثات، مؤكدين ضرورة استمرار عملية التفاوض التي بدأت للتوصل إلى اتفاق، لكن أيضا لم يصدر عن واشنطن حتى الآن "تفاصيل مهمة" يمكن على أساسها إجراء تحليل أكثر تفصيلاً لعملية التفاوض المكثّفة في فيينا.

بغض النظر عن مسار المفاوضات المتسارع حتى الآن، هناك تصريحات مهمة حول الوضع السياسي في المفاوضات النووية يمكن قراءتها للمساعدة في استخلاص تحليل أكثر واقعية لمستقبل المحادثات وأوجه الشبه والاختلاف بينها وبين المحادثات السابقة التي تمخّض عنها الاتفاق النووي بقوامه الأساسي:

1- على الرغم من أن "عدم الثقة" كان القاسم المشترك لأطراف الاتفاق النووي الذي تم التوصّل إليه في عهد أوباما، واتخاذ القرار كان قائماً على أساس ما يمكن تحقيقه من "نتائج ومكاسب قابلة للقياس وملموسة"، إلاّ أن أجواء "انعدام الثقة" والشكوك في الوضع الحالي سيطرت بشدّة على الموقف الايراني في فيينا، لاسيما بعد "الانسحاب الأمريكي غير القانوني من الاتفاق النووي ومماطلة الأوروبيين وتخاذلهم"، إضافة الى "التقدم الذي أحرزته ايران خلال العام الماضي" في برنامجها النووي السلمي، وبطبيعة الحال، في مثل هذه الظروف، سيواجه حلّ المشكلات القائمة مستوى أعلى من التعقيد والتعسّر.

2- أفضت تصرفات ترامب في سياق جعل سياسة الضغوط القصوى فعالة من خلال فرض ما يسمى بالعقوبات المعوقة إلى زيادة تعقيد رفع العقوبات بشكل فعال وصرامة موقف ايران بشكل حاد لضمان فوائدها الاقتصادية بعد رفع العقوبات، خصوصاً بعد ما واجهته من تخاذل غربي خلال الحقبة الأخيرة، لهذا إن تأكيد إيران على التحقّق الكامل والفعال من رفع العقوبات يستند إلى هذا الأمر.

3- أدت عودة إيران الفعالة إلى البرنامج النووي السلمي القائم على أساس حقها المشروع في الاتفاق النووي، وزيادة نوع وعدد أجهزة الطرد المركزي، وزيادة مخزونات إيران من اليورانيوم المخصب إلى مضاعفة المخاوف الغربية بشأن قدرات إيران التكنولوجية في هذا المجال، لهذا تسعى الدول الغربية إلى تشديد القيود السابقة عبر تفسيرات جديدة تُتيح لها ممارسة أكبر ضغط ممكن على قدرات إيران النووية.

4- شرعت المفاوضات النووية في عام 2014 عندما كانت الحكومة في ايران في وضع جيد للغاية "للاستفادة من النجاح السياسي للانتخابات"، وبدعم من الأرضية الشعبية، مثّلت موقفا تفاوضياً آمنا مع الأطراف الغربية، في مثل هذه الحالة، بانت على فريق التفاوض الايراني في المباحثات السابقة ثقة عالية بهذه العملية الدبلوماسية، ومن الطبيعي أن الطرف الآخر فتح أيضا حسابا خاصا لممثلي الحكومة الجديدة.

5- بدأت مفاوضات جديدة في نهاية عمر الحكومة الايرانية الحالية، وفيما اقترب موعد الانتخابات الرئاسية في يونيو من هذا العام، ألقت أجواء الحملة الانتخابية بظلالها الثقيلة على المفاوضات وما سيتمخّض عنها قبل أو بعد انتهاء فترة هذه الحكومة، وسيكون لهذه الأجواء حتما آثار سلبية على المفاوضات وروح المفاوضين.

6- وسط هذا المنعرج الحساس، وبالنظر إلى تجربة ايران مع الاتفاق النووي، تم تحديد المبادئ التوجيهية لفريق التفاوض بشكل أكثر دقة وصرامة، وازدادت يقظة وحساسية مجالات صنع السياسات والتنفيذ بشكل كبير في الجمهورية الاسلامية، واستنكف المفاوضون في الوضع الحالي، عن قبول أي إلتزام تتعهّد به أطراف الاتفاق الأخرى دون ضمان واضح يعود بالمنفعة الاقتصادية على ايران.

7- يمكن إدراج قضايا أخرى إلى القائمة، بما في ذلك جهود الأوروبيين لزيادة الرقابة على الأنشطة النووية السلمية لايران واحتجاز حقوق إيران القانونية في الاتفاق النووي لإرغام طهران على قبول المزيد من القيود، كل هذه التطورات تشير إلى أبعاد أكثر صرامة، في أساليب وقضايا التفاوض في فيينا.

في مثل هذه الظروف، أصبح وجود مقاربات سياسية وانتخابية في مختلف أطياف الدولة الايرانية مصدر قلق وكان له تأثير ضار على محادثات فيينا.

وبينما تحتدم الآراء في فيينا للتوصل الى اتفاق، أكد قائد الثورة الاسلامية مراراً وتكراراً على ضرورة بذل الجهود لرفع العقوبات القمعية والجائرة في أسرع وقت ممكن مع الحفاظ على المبادئ والحقوق القانونية للجمهورية الإسلامية الايرانية وضمانها، كما شدّد سماحته على ضرورة إيجاد آليات فعّالة لمواجهة العقوبات، الأمر الذي يثني العدو عن استخدام أدوات العقوبات كأولوية أكثر أهمية في أي عملية تفاوض. 

إن تنفيذ مطالب القيادة التي تخدم المصلحة الوطنية وإزالة الضغوط الخارجية اللاإنسانية على معيشة الشعب الايراني مهمة يجب على جميع القطاعات ذات الصلة في الدولة العمل بها، بما في ذلك الجهاز الدبلوماسي كصانعي السياسات والمؤسسات الداعمة الأخرى في البلاد، بغض النظر عن المقاربات والتوجهات السياسية والنقابية، يجب أن تخطو الحكومة خطوة في هذا الاتجاه وتحققه كمهمة وطنية وثورية.

استنادا للنقاط المذكورة فيما سبق، وجدت المسؤولية والعمل الخاص للفريق التفاوضي المزيد من الأبعاد والتعقيدات، وهو أمر ضروري للمؤسسات والمجالات التي تلعب دور دعم جنود الخطوط الأمامية للجبهة الدبلوماسية، وسنبذل قصارى جهدنا مفعمين بالبصيرة واللباقة والمشاركة والنقد، والتعاطف، لتحقيق النجاح الحاسم لفريق التفاوض الايراني حتى يتمكنوا من إكمال مهمتهم الجادة بأفضل طريقة ممكنة.


نورنيوز
تعليقات

الاسم

البريد الالكتروني

تعليقك