معرف الأخبار : 53334
تاريخ الإفراج : 8/25/2020 1:16:38 PM
خفايا إعلان التطبيع العربي-الاسرائيلي.. الايرانفوبيا الهدف

خفايا إعلان التطبيع العربي-الاسرائيلي.. الايرانفوبيا الهدف

لطالما كانت العلاقات بين الكيان الصهيوني والدول العربية في الخليج الفارسي الشغل الشاغل لأميركا ولا زالت، وفي الوضع الحالي، تحاول واشنطن تغيير ميزان القوى في الشرق الأوسط من خلال الكشف عن هذه العلاقة أمام العلن، وهذا التوازن الجديد الذي أُنفق عليه سبع تريليونات دولار أميركية في المنطقة يتجه لصالح المقاومة، وبالتالي يتم تنفيذ هذه الخطة تحت مسمى "ايران فوبيا" ومواجهة نفوذ إيران في المنطقة.

نورنيوز- إن الكشف عن العلاقات السياسية بين الامارات والكيان الصهيوني هو استمرار لمسيرة التسويات،إذ  بعد الهزيمة من قبل الكيان الصهيوني  باتت قضية تحرير القدس بالنسبة لحكام الامارات فقط من لوبي الفنادق والمؤتمرات الدولية ولم يحققوا سوى تنازلات متكررة للقضية الفلسطينية.

الدول العربية خاضت عدّة مرّات الحرب رسميًا مع الكيان الصهيوني أربع مرات في 1948 و 1956 و 1967 و 1973، لكنها هُزمت في جميع المحاولات باستثناء مرّة واحدة.

وكانت اتفاقيات كامب ديفيد المُخزية، التي وقعها أنور السادات ومناحيم بيغن وجيمي كارتر، بمثابة بداية التقهقرات والتراجعات والهزائم لمحور الحكّام، وكانت مصر أول جسر تعرّض للغزو في هذه العملية.

منذ عام 1967، شهدت منطقة غرب آسيا وشمال إفريقيا العديد من الخطط ومحادثات السلام، لكن النتيجة لم تكن سوى تطبيع العلاقات المصرية الأردنية مع الكيان الصهيوني، وتمدّد المستوطنات في الأراضي المحتلة، واستمرار الاحتلال الصهيوني والعلاقات السرية للحكام العرب.

خلال هذه السنوات ، الآمال المعلّقة على المجتمع الدولي لم تتمخّض سوى عن قراري مجلس الأمن 242 و 338، اللذين دعا إلى عودة الكيان الصهيوني إلى الأراضي المحتلة قبل عام 1967، والتبادل السلمي للأراضي، الأمر الذي لم يتحقق.

بعد حرب 1973، خاب أمل الدول العربية من الانتصار في الحرب ضد العدو الصهيوني واتخذت معظمها إثر ذلك طريق التسوية.

وعلى مدار الـ 47 عامًا الماضية، علاوة على توقيع اتفاقية كامب ديفيد بين مصر والاحتلال واتفاقية السلام الأردنية مع هذا الكيان، بدأ المحور الغربي العبري بحشد جهوده السرية لربط هذا المحور بالمحور العربي.

ويهدف المؤتمر، الذي استضافته اميركا والاتحاد السوفيتي وحضره ممثلون من الأردن ولبنان وسوريا وإسرائيل ومصر، إلى إبرام معاهدة سلام مماثلة للاتفاق الإسرائيلي المصري مع الدول العربية الأخرى.

لم يسفر المؤتمر عن نتائج ملموسة، بل مهد الطريق لمحادثات سرية بين بعض الحكام العرب حول التسوية مع الكيان الصهيوني، والتي أفضت لتوقيع اتفاقية أوسلو عام 1993، والتقى خلالها زعيم منظمة التحرير الفلسطينية ياسر عرفات ورئيس الوزراء الإسرائيلي إسحاق رابين.

الاتفاق ينصّ على انسحاب الكيان الصهيوني من قطاع غزة والضفة الغربية على عدة مراحل، وسيتم تشكيل السلطة الفلسطينية في هذه المناطق خلال فترة انتقالية مدتها خمس سنوات، وفي النهاية سيتم تقديم حل لتنفيذ قراري مجلس الأمن 242 و 338.

بعد مؤتمر مدريد، تشكّلت ملامح اتفاق كامب ديفيد عام 2000، بوساطة بيل كلينتون، والذي لم يتحقق بسبب المطالب المفرطة للكيان الصهيوني.

ويرتبط المحور العربي بالمحور العبري الغربي منذ عام 2001 تحت جناح "محادثات طابا" في مصر، فيما بعد كشفت السعودية عن رؤيتها للسلام وباتت تعرف بخطة السلام العربية، التي شدّدت على عودة الكيان الصهيوني إلى حدود عام 1967 وإقامة دولة فلسطينية في الضفة الغربية وقطاع غزة مقابل اعتراف دول الشرق الأوسط  بإسرائيل.

تلاها وضع خريطة طريق لعام 2003، التي اتبعتها اميركا وروسيا والاتحاد الأوروبي بالتعاون مع الأمم المتحدة، على ثلاث مراحل، ودعت جميع الأطراف المؤيدة للفلسطينيين إلى ضبط النفس، بينما دعت إسرائيل إلى وقف بناء المستوطنات. وتم تأجيل قضية إقامة دولة فلسطينية ذات حدود مؤقتة إلى مؤتمر آخر.

تمخّضت خارطة الطريق هذه عن اتفاقية جنيف في نهاية المطاف، التي حلّت مكان خارطة الطريق المقترحة. وبموجب الاتفاق تم التأكيد على الأمن وأجواء الثقة في الاتفاق السياسي، وتوصّل الاتفاق الى ضرورة تخلّي الفلسطينيين عن حقهم في العودة إلى وطنهم، وفي المقابل سيتوقّف الاحتلال عن بناء عدة مستوطنات والتنازل عنها للفلسطينيين.                                     

وبينما سار العرب على طريق تحرير القدس المحتلة من لوبي الفنادق والمؤتمرات الإنهزامية، تشكّل تيار المقاومة ونما وأصبح حصنًا منيعًا ضد الاحتلال والمخططات الأمريكية والصهيونية للمنطقة، وهو نهج حطم كل معادلات التسوية.

وعلى الرغم من هزيمة الدول العربية في أربع حروب مع الكيان الصهيوني والتسوية بين مصر والأردن، فقد استطاع لبنان إرغام الاحتلال الانسحاب من لبنان عام 2000 دون أخذ أي شيء، وهذا ما أدى إلى استقرار نهج المقاومة في ماقبل مقاربة التسوية التي أدت إلى تشكيل المحور العبري- العربي في حرب 2006.

في عام 2006، خلصت المحاور الغربية والعبرية والعربية إلى أن حزب الله كان العائق الأكبر أمام الاعتراف بالكيان الصهيوني في المنطقة، لذلك كانت الحرب الثانية للاحتلال تهدف إلى تدمير حزب الله، وولادة شرق أوسط جديد.

اشتعلت هذه الحرب بدعم سياسي واستخباراتي من اميركا وأوروبا، وبدعم مالي من حكام التسويات العرب وآلة حرب الكيان الصهيوني. جاؤوا لقطع رأس الأفعى بالشكل الذي يرونه مناسبا بحسب ماتوهموا به حينها، لكن 33 يوما من المقاومة اللبنانية أدت إلى ولادة طفل الشرق الأوسط الجديد ميتاً.

ومهد انتصار حزب الله الطريق لتشكيل محور مقاومة في المنطقة، وهي عملية ابتكر فيها محور التسوية مؤامرات لا حصر لها لتدميرها على مدى العقد الماضي.

من الإسقاط لتشويه صورة المقاومة لإثارة الفتن الطائفية وتشكيل جماعات داعش الإرهابية في سوريا والعراق، ومن تأجيج نيران الحرب الطائفية والتكفيرية في هذه الدول إلى فرض عقوبات قاسية على الدول الموالية للمقاومة واغتيال قادة المقاومة وتصفيتهم جسديًا، من قبيل تصفية القادة الشهداء "الحاج قاسم سليماني" و "أبو مهدي المهندس"، جميعها مؤامرات خطّط لها وحاكها ونفذها هذا المحور العبري-العربي-الغربي الشرير لكسر ظهر المقاومة خلال هذه الفترة، لكنهم لم يحققوا هدفهم.

كان الإعلان عن "صفقة القرن" آخر جهد لإخماد القضية الفلسطينية والسعي لتحقيق أهداف جميع الاتفاقات والمحادثات التوفيقية على مدى السنوات الـ47 الماضية، مع اختلاف واحد ملحوظ: الكشف عن العلاقات بين الحكام العرب والكيان الصهيوني، والاعلان بشكل مباشر عن تشكيل جبهة ضد محور المقاومة.

والآن، يحاول حكام محور التسوية الخانعون، بضغط من اميركا والاحتلال، مواجهة محور المقاومة عمليا تحت ذريعة "الايران فوبيا"، من خلال الاحتماء خلف العدو المحتل.

بالطبع، في بداية الطريق، سيكون حكام عرب بلا هوية من قبيل حكام الإمارات أو البحرين في الطليعة لتمهيد الطريق للسعودية وحكام آخرين يدّعون تحرير القدس لمواكبة ركب التطبيع. الدول التي لا يخفى تاريخ علاقاتها السرية مع الكيان الصهيوني عن أحد.

لكن ما سبب الكشف عن هذه العلاقات في الوضع الراهن؟

لطالما كانت العلاقات بين الكيان الصهيوني والدول العربية في الخليج الفارسي الشغل الشاغل لأميركا ولا زالت، وفي الوضع الحالي، تحاول واشنطن تغيير ميزان القوى في الشرق الأوسط من خلال الكشف عن هذه العلاقة أمام العلن، وهذا التوازن الجديد الذي أُنفق عليه سبع تريليونات دولار أميركية في المنطقة يتجه لصالح المقاومة، وبالتالي يتم تنفيذ هذه الخطة تحت مسمى "ايران فوبيا" ومواجهة نفوذ إيران في المنطقة.

 

أحرزت إيران تقدمًا جيوسياسيًا منذ الغزو الأمريكي لأفغانستان عام 2001 واحتلال العراق عام 2003، ورسخت نفسها بين دول المنطقة في محاربة الإرهاب في العراق وسوريا.

والحقيقة أن بعض الدول العربية في الخليج الفارسي والكيان الصهيوني اعتبروا إيران تهديدًا منذ سنوات، لأن إيران هي القوة الإقليمية الوحيدة التي لا تنحني أمام اميركا.

وفي الوقت نفسه، فإن إيران والصين على وشك إبرام اتفاقية استراتيجية مدتها 25 عاما، والتي بموجبها يمكن للصينيين استثمار 400 مليار دولار في صناعة النفط والغاز ومشاريع البنية التحتية الأخرى، ويمكن لإيران الالتفاف على العقوبات الأمريكية أحادية الجانب.

بالطبع ، يمكن للصين أيضًا تعزيز نفوذها في الخليج الفارسي وتحدي اميركا باعتبارها القوة المهيمنة التقليدية في المنطقة.  بهذا المعنى ، يمكن اعتبار "اتفاق إبراهيم" جبهة جيوسياسية جديدة انفتحت ضد إيران.

على الرغم من أن الإمارات العربية المتحدة قد ترى اتفاق إبراهيم للسلام كوسيلة لتأخير ضم المزيد من الأراضي الفلسطينية للكيان الصهيوني، إلا أن نتنياهو رفض التوهّم الاماراتي بشدّة.

يحاول بعض الحكام العرب في الخليج الفارسي إيجاد داعم إقليمي لحقبة ما بعد ترامب ومواصلة مواجهة محور المقاومة من خلال تشكيل هلال عبراني عربي لأنهم يعرفون جيدًا أن الدول العربية لا تدعم خططهم.


نورنيوز
تعليقات

الاسم

البريد الالكتروني

تعليقك