معرف الأخبار : 53004
تاريخ الإفراج : 8/12/2020 5:54:22 PM
مستقبل لبنان وتحركات التيارات السياسية.. هل ستكفّ يد الفاسدين؟

مستقبل لبنان وتحركات التيارات السياسية.. هل ستكفّ يد الفاسدين؟

القرائن المتوفرة تشير إلى معارضة البرلمان لفكرة إجراء انتخابات مبكرة، فـ سعد الحريري على عكس "سمير جعجع" لا يحبّذ كثيرا فكرة إجراء انتخابات مبكرة. بينما يمكن لحزب الله، بصفته التيار السياسي الأقوى الذي حافظ على سجّله نظيفاً من الفساد الاقتصادي وله قاعدة شعبية كبيرة، أن يلعب دورا حاسما في المسار المستقبلي للتطورات السياسية على الساحة اللبنانية.

نورنيوز- خلّف انفجار مرفأ بيروت وما ألحقه من خسائر مالية وبشرية بلبنان إلى جانب استقالة رئيس الوزراء اللبناني حسان دياب، تداعيات معقدة على الساحة السياسية والاقتصادية والاجتماعية في البلاد.

ومن المقرر أن يبت مجلس النواب اللبناني غدا الخميس في مسألة حلّه، وإجراء انتخابات مبكرة.

القرائن المتوفرة تشير إلى معارضة البرلمان لفكرة إجراء انتخابات مبكرة، ما عد حزب "القوات اللبنانية" بقيادة سمير جعجع يطالب بشدّة لإجراء انتخابات برلمانية عاجلة وحلّ البرلمان.

يحاول هذا الحزب زيادة الضغوطات لإجراء الانتخابات البرلمانية بشكل عاجل من خلال تشجيع النواب المنتسبين لتحالف 14 آذار على الاستقالة من البرلمان. المستقبل بقيادة سعد الحريري، متردد في إجراء انتخابات مبكرة بسبب حرصه على العودة إلى منصب رئيس الوزراء، ويبدو أن الحريري ووليد جنبلاط سيتركان جعجع مرة أخرى وحيدا في هذه المعركة.

التطور القادم المتوقّع على الساحة السياسة اللبنانية هو تشكيل حكومة جديدة بموافقة الكتل السياسية. استراتيجية تبدو أكثر قابلية للتطبيق، خصوصاً أنها لا تتطلب الكثير من الجدل والمباحثات السياسي المطولة بين الأطراف اللبنانية.

على الرغم من أن لبنان كان يعاني من حالة اقتصادية مؤسفة قبل انفجار مرفأ بيروت، فإن التحدي الأهم الذي يواجه الحكومة اللبنانية المستقبلية هو العودة إلى ظروف ما قبل الانفجار، تحدّ سيكلّف ما لا يقل عن 15 مليار دولار.

ولبنان قبل انفجار مرفأ بيروت كان من أكثر الحكومات مديونية في العالم مقارنة مع حجم اقتصاده. فإن الدَّين العام الخارجي للبلاد بلغ 91 مليار دولار، نهاية 2019، واحتل لبنان المرتبة 137 عالميا من أصل 180 دولة يُقيسها مؤشر مدركات الفساد في العالم للعام 2019، وبحسب صحيفة وول ستريت جورنال نقلاً عن وزارة الخزانة الأمريكية، فإن حجم الأموال المنهوبة من لبنان يبلغ حوالي 800 مليار دولار.

تسبّبت هذه الأزمة الهيكلية في الاقتصاد اللبناني، إلى جانب تصعيد العقوبات الاقتصادية في الأشهر الأخيرة، بتدهور قيمة العملة الوطنية اللبنانية مقابل الدولار من 1500 ليرة إلى 8000 ليرة للدولار الواحد، أدى هذا الواقع إلى فقدان معظم الطبقة الوسطى من المواطنين اللبنانيين لأهم مقومات الحياة اليومية.

ستجعل المشاكل الهيكلية للاقتصاد إلى جانب الدمار الذي خلفه انفجار بيروت، الاستجابة للمطالب الاقتصادية الأولوية الأولى للحكومة اللبنانية المقبلة، وهي أولوية لن تتمكن خزائن الحكومة الفارغة من تحقيقها وستدفعها لتحوّل أنظارها نحو مصادر خارجية.

تعد زيارة الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون إلى لبنان وما عقبها من عقد مؤتمر  للمانحين عبر الإنترنت لمساعدة لبنان في إعادة إعمار بيروت، بمثابة الخطوة الأولى عمليًا في استقطاب المساعدات الأجنبية للحكومة اللبنانية، لكن لم يحضر المؤتمر عبر الإنترنت سوى 36 دولة ومنظمة دولية. وتمخّض عنه جمع مبلغ 270 مليون دولار للتعويض عن الأضرار البالغة 15 مليار دولار التي سببها الإنفجار الأخير، وهي بالطبع ليست بالنتيجة الواعدة.

على الرغم من أن المبلغ الذي تم التعهد به للمساعدة في إعادة إعمار بيروت ليس كبيرا، إلا أن تخصيصه أيضاً يخضع لشروط معينة، أهمها الإصلاح السياسي.

ورغم أن ماكرون لم يكن حاضراً خلال زيارته لبيروت أن يرفع من شأن دور الأحزاب السياسية المنضمّة لتحالف 14 آذار، وفي لقاء خلوة استمر دقائق مع رئيس كتلة "حزب الله" النيابية محمد رعد، عكس رسالة واضحة لقادة الأحزاب السياسية اللبنانية جميعها.

وتبنى ماكرون خيار حكومة الوحدة الوطنية، في وقت أراد فيه أقطاب 14 آذار لحكومة دياب أن تهوي لمصلحتهم، لكن الفرنسيين لا يريدون حكومة لا يتمثل فيها أي حزب لبناني وتحديداً حزب الله، وهذه الرسالة وصلت أيضاً إلى حزب الله.

وكان لافتاً للإنتباه أن رئيس فرنسا لم يكتف بالحث على الإصلاحات، بل هدد بفرض عقوبات على المسؤولين اللبنانيين إذا لم تُنَفّذ الإصلاحات المطلوبة (ليس ضمن مهلة مفتوحة بل خلال أسابيع قليلة)، ونقل عنه الصحافي الفرنسي المخضرم جورج مالبرونو قوله لقوى “14 اذار” في معرض دفاعه أمامهم عن التدقيق الجنائي أو المحاسبي في مصرف لبنان: “كلكم قبضتم اموالاً. أنتم تعلمون ذلك وأنا اعلمه ايضاً”.

لكن مع كل مافعله الرئيس الفرنسي، كان جلياً أن النهج الأخير للغرب في لبنان لن يكون بشكل قاطع في مصلحة تقوية المقاومة بلبنان، لاسيما حزب الله، انقشع الغبار واتضح هذا المشهد بعد عدم دعوة إيران وروسيا وتركيا إلى المؤتمر الفرنسي للمانحين عبر الإنترنت للمساعدة في إعادة إعمار لبنان.

ويمكن لحزب الله، بصفته التيار السياسي الأقوى في لبنان الذي حافظ على سجله نظيفاً من الفساد الاقتصادي وله قاعدة شعبية كبيرة، أن يلعب دورا حاسما في المسار المستقبلي للتطورات في لبنان.

وبكل تأكيد، يمكن أن تلعب كل من إيران وروسيا وتركيا، بالتعاون مع الصين، دورا كبيرا في دعم لبنان سياسيا واقتصاديا عن طريق الحكومة اللبنانية المستقبلية.


نورنيوز/وكالات
الكلمات الدالة
مستقبلالتیاراتالقرائن
تعليقات

الاسم

البريد الالكتروني

تعليقك