معرف الأخبار : 52699
تاريخ الإفراج : 8/3/2020 1:06:21 PM
تعاون ايران والصين يشكل تهديداً للصهاينة

تعاون ايران والصين يشكل تهديداً للصهاينة

من الواضح للجميع أنّ الثورة الإسلامية في عام 1979 دفعت إيران إلى الخروج من محور حلفاء الغرب وأتباع أميركا، وانتهاج سياسة مستقلّة، وفي نفس الاتجاه، حاولت واشنطن كالمعتاد منع نمو وازدهار الدول المستقلة، وفرضت كل أنواع العقوبات على الحكومة والشعب الإيراني خلال الـ 42 سنة الماضية.

هذه الأيام وبعد أن جري الحديث عن محادثات بين إيران والصين بشأن توقيع وثيقة تعاون شامل بين طهران وبكين، فإن أميركا وبعض شركائها وبالتعاون مع بعض وسائل الإعلام المعادية للثورة الإسلامية، ومن خلال مهاجمة هذه الوثيقة، تحاول منع التعاون الاستراتيجي بين إيران والصين، من خلال ركوب موجة عواطف الناس واستغلال الشعور بالوطنية لدى الإيرانيين.

من الواضح للجميع أنّ الثورة الإسلامية في عام 1979 دفعت إيران إلى الخروج من محور حلفاء الغرب وأتباع أميركا، وانتهاج سياسة مستقلّة، وفي نفس الاتجاه، حاولت واشنطن كالمعتاد منع نمو وازدهار الدول المستقلة، وفرضت كل أنواع العقوبات على الحكومة والشعب الإيراني خلال الـ 42 سنة الماضية.

ومع وصول دونالد ترامب إلى البيت الأبيض وانسحاب الولايات المتحدة من الاتفاق النووي، سعت أميركا إلى تعزيز سياستها المتمثلة في الضغط الأقصى من خلال عزل إيران، وفي هذا السياق صرّح "برايان هوك" رئيس مجموعة العمل ضد إيران بوزارة الخارجية الأميركية، أن إيران لديها خياران، إما التفاوض (الاستسلام) أو انتظار الانهيار.

إيران فوبيا.. سياسة أميركا الرئيسة في 40 عاماً

على مدى العقود الأربعة الماضية، سعت أميركا إلى ممارسة أقصى الضغوط على إيران لعزلها سياسياً واقتصادياً، وتبنّي سياسة عرقلة التعاون التجاري بين طهران والدول الأخرى.

ويمكن تقييم تكثيف العقوبات ضد إيران في العقد الماضي في هذا السياق، حتي تجد إيران نفسها في عزلة سياسية واقتصادية، وتصبح غير قادرة عملياً علي إقامة علاقة استراتيجية مع أي دولة أخرى في العالم.

ولهذا السبب، عندما أثيرت قضية المفاوضات بين إيران والصين لتوقيع وثيقة استراتيجية للتعاون طويل الأمد، نُظر إليها عمليّاً على أنها علامة على فشل السياسات الأميركية في عزل إيران، وهذا ما دفع "نيكي هايلي" سفيرة واشنطن السابقة لدى الأمم المتحدة إلي التغريد على تويتر: "لقد دخلت الصين في شراكة مع إيران لإنهاء عزلة إيران العالمية".

ومن أجل منع فشل استراتيجيتها المتمثلة في الضغط الأقصى علي إيران، تحاول أميركا منع التوقيع النهائي على هذه الوثيقة، من خلال إثارة المشاعر والعواطف الوطنية للشعب الإيراني، ومقارنة هذه الوثيقة باتفاقية "تركمانشاي" التي تم خلالها فصل جزء من إيران خلال الحرب مع روسيا.

إيران والصين.. ضد أميركا

في تقرير بعنوان "الصين وإيران، ومن خلال الوقوف ضد أميركا، تقتربان من التعاون التجاري والعسكري"، وصفت صحيفة "نيويورك تايمز" الأميركية وثيقة خطة الـ25 عامًا للتعاون الشامل بين إيران والصين، بأنها محاولة لتقويض الجهود المناهضة لإيران التي تبذلها إدارة دونالد ترامب.

ولكن إلى جانب الجهود الأميركية لمنع إيران من الخروج من العزلة، يجب القول إن واشنطن تخوض نزاعاً وتنافساً مع الجانب الآخر من هذه الوثيقة أيّ الصين، وتغتنم كلّ فرصة لضرب المصالح السياسية والاقتصادية لبكين.

لم يعد سراً أن التنافس بين أميركا والصين قد اشتد في السنوات الأخيرة، ويمكن رؤية ذلك بوضوح في المعركة التجارية بين البلدين، والمعروفة بحرب الجمارك.

لقد أدركت الولايات المتحدة منذ سنوات أن النظام العالمي السابق الذي ظهر بعد انهيار الاتحاد السوفيتي، والذي سعت فيه أميركا، كقوة عظمى، لتغيير جميع العلاقات العالمية لمصلحتها، آخذ في الانهيار.

النسر ضدّ التنين الأحمر

في غضون ذلك، استطاعت الصين أن تثبت نفسها بهدوء كثاني أكبر اقتصاد في العالم، من خلال تبني السياسة الاقتصادية الصحيحة، وأصبحت الآن منافسةً للهيمنة الاقتصادية الأميركية، ويري العديد من الخبراء أن التجارة الخارجية للصين تفوق بالفعل تجارة أميركا ولذلك، يعتقد العديد من المحللين أن الصين ستكون بالتأكيد أقوى اقتصاد في العالم بحلول عام 2035.

النمو المذهل الذي حقّقته الصين في مجال التكنولوجيا، أدى إلى تجاوز أميركا في براءات الاختراع لأول مرة، والآن تحتل الصين مرتبةً أعلى من أميركا في جدول أكثر براءات اختراع في العالم. ودفع هذا التقدم التكنولوجي العديد من البلدان الأوروبية إلى استخدام الشركات الصينية لترقية الإنترنت إلى الجيل الخامس.

ويعتقد "مجيد رضا حريري" رئيس غرفة التجارة الإيرانية الصينية، أنه تم اليوم الانتهاء من الدراسات النظرية بخصوص الجيل الخامس من الانترنت في الصين، وأن هذا البلد يعمل على تشغيل هذا الجيل من الإنترنت، في حين لم يتم إجراء مثل هذه الدراسات في الغرب حتى الآن.

في غضون ذلك، تغتنم أميركا كلّ فرصة لضرب الصين، ولأنها اعتادت على البلطجة واستخدام القوة، فإنها تحاول إبعاد الشركات الصينية عن المنافسة، من خلال العقوبات أو الدعاوى القضائية. كما تحاول واشنطن زيادة الضغط السياسي على بكين بشأن قضايا مثل هونغ كونغ أو التبت.

وذكرت صحيفة "وول ستريت جورنال" في تقرير حول الاتفاق الشامل بين إيران والصين، أن "طهران وبكين تعملان على تأسيس شراكة استراتيجية واسعة للحدّ من الضغط الاقتصادي الأميركي على البلدين؛ اتفاقٌ من شأنه أيضاً أن يخرج إيران من العزلة الاقتصادية الناتجة عن العقوبات الأميركية، ويساعد الصين على الخروج من الضغوط الأميركية.

أعداء الأمس.. ناصحو اليوم!

ولهذا السبب، مع إثارة موضوع المفاوضات لتوقيع وثيقة تعاون بين طهران وبكين، دخلت الجهود الأميركية لمنع إبرامها وفقدان النفوذ ضد إيران والصين مرحلةً جديدةً. ولذلك، فإن الأشخاص الذين أرادوا حتى الأمس أقصى ضغط على الحكومة والشعب في إيران، قد دخلوا الآن من بوابة الإحسان إلى الشعب الإيراني وتقديم النصح له.

في هذه الأثناء، فإن وزير الخارجية الأميركي "مايك بومبيو"، الذي كان قد دعا في السابق إلى تجويع الشعب الإيراني لدفعه إلي الاستسلام، قد شبه مرارًا وتكرارًا وثيقة التعاون بين إيران والصين باتفاقية "تركمانشاي".

وتبعاً لذلك، جاء دور وسائل الإعلام المعادية للثورة، والتي يمكن اعتبارها دمى وأدوات لتنفيذ مخططات ومؤامرات أميركا ضد إيران، وكمشاة هذه الحرب الناعمة للتأثير على الرأي العام لمنع إبرام هذه الوثيقة، وبدأت بالابتزاز وخلق الروايات الملفقة.

تدرك واشنطن جيداً أنّ عصر الأحادية والبلطجة الأميركية يقترب من نهايته، وأن الدول المستقلة تتحدّى أميركا في كلّ المجالات السياسية والأمنية والاقتصادية. كما أن أمريكا قلقة من فقدان مكانتها الاقتصادية في العالم، وتعلم جيداً أنها لن تكون قوةً عالميةً بلا منازع خلال سنوات قليلة.

ويعتقد جميع الخبراء السياسيين أن إيران تتمتع بثقل ومكانة جيوسياسية وجيولوجيا اقتصادية عالية في غرب آسيا، وفي المنافسة بين أميركا والصين للوصول إلى أعلى اقتصاد عالمي، فإن أي دولة تستطيع أن تكون لها علاقات اقتصادية وسياسية جيدة مع إيران، سيكون لديها المفتاح لدخول عالم المستقبل.

العلاقات الوثيقة بين إيران والصين.. تهديد للكيان الإسرائيلي

كما عبرت صحيفة "جيروزاليم بوست" الإسرائيلية عن قلقها بشأن جهود طهران وبكين للتوقيع على اتفاقية تعاون شامل وطويل الأمد، واصفةً إياها بأنها أخبار سيئة لـ"إسرائيل"، وكتبت: "ستحيد هذه الاتفاقية إلى حد كبير الضغوط الأميركية القصوى على إيران".

وأضافت الصحيفة الإسرائيلية: "مخاطر هذا الاتفاق واضحة تماماً لإسرائيل".

لذلك، قال "جواد منصوري" سفير إيران السابق لدى الصين في هذا الصدد: إن الغرب لا يريد أن تخرج إيران من مداره. في الوقت نفسه، لا ترغب أميركا في تقدم أي دولة مستقلة. ومن الواضح أن تقارب إيران والصين كدولتين مستقلتين من بعضهما البعض، يشكل تهديدًا للهيمنة الأميركية والاستكبار العالمي، ومعارضتهم اليوم هي علامة على هذا الخوف بالضبط.

ولهذا السبب، فإن واشنطن ومع العلم بأن إيران كدولة مستقلة، معنية بمكافحة الاستكبار العالمي وبالتالي مواجهة أميركا، تحاول منع إقامة علاقة استراتيجية بين طهران وبكين.

اذن فإن الادارة الأميركية تعلم أن التقارب الاستراتيجي بين إيران والصين، نظرًا للمكانة الجيوسياسية لطهران في غرب آسيا، فضلاً عن القوة الاقتصادية لبكين، يفيد كلا البلدين ويشكل تهديدًا حقيقيًا للكيان الإسرائيلي، ويسرع من تراجع الولايات المتحدة. ولهذا السبب، يجب أن نعتبر أن الإجراءات الأخيرة لواشنطن وأدواتها، هي كمن يغرق في المستنقع ويتمسك بقشة.


الوقت
تعليقات

الاسم

البريد الالكتروني

تعليقك