اجماع التيارات الشيعية في العراق بخصوص انتخاب "مصطفي الكاظمي" ليشغل رئاسة الحكومة، أخرج هذا البلد مرّة أخرى من الإنزلاق الى نفق مظلم وصان استقلاله السياسي، وفتح آفاقا جديدة أمام تعزيز الانسجام وإيجاد نوع من التقارب المحكم بين مختلف الجماعات السياسية بما فيها الأكراد والسنة.
هذا الحدث المهم الذي جاء بعد أسابيع من تناحر القوى السياسية، كان قرارا عراقياً مستقلا بامتياز، وكشف النقاب عن الخبرة السياسية التي اكتسبتها التيارات العراقية على مدى سنوات من التجارب المريرة لتدخل الأجانب في شؤون بلادهم وعلى رأسهم أمريكا وبريطانيا، متمسكّين بموقفهم الوطني الرافض لكافة أشكال الضغوط الخارجية.
الكاظمي ، الذي يرأس الآن جهاز المخابرات العراقي، هو من أكثر الشخصيات المؤثرة في حياة المرحوم الدكتور الجلبي، الذي رافقه حتى نهاية حياته.
كما كان الكاظمي أول رئيس للمخابرات العراقية ينهي الهيمنة الأمريكية على المخابرات ويضعها تحت السيطرة الكاملة لرئيس الوزراء. قبل رئاسته، كانت الهيمنة الأمريكية بحيث لم يُسمح للسلطات العراقية ذات الصلة ورئيس الوزراء في هذا البلد بزيارة بعض طوابق المبنى المركزي للمخابرات سابقاً.
خلال فترة عمله في المخابرات العراقية، أقام مصطفى الكاظمي علاقات جيدة مع الجماعات السياسية المحلية وجيران العراق والجهات الفاعلة الإقليمية.
التعاون والتنسيق الفعالان مع الأجهزة الأمنية للدول المشاركة في الحرب ضد تنظيم داعش الإرهابي، وخاصة دعم الدور الاستشاري الإيراني في العراق في مكافحة الإرهاب التكفيري، أحد أبرز أعماله كرئيس لجهاز المخابرات العراقي.
يأتي انتخاب مصطفى الكاظمي لمنصب رئيس الوزراء العراقي الذي تُعقد عليه الآمال لتشكيل الكابينة الحكومية في وقت لا توجد فيه ادعاءات أو شكوك بأن جهات أجنبية متورطة في تعيينه، وجاء بعد توافق شامل بين التيارات الشيعية على شخصه وبتأييد من الأكراد والسنة.
على هذا الأساس، حاز الإجماع الشيعي على انتخاب الكاظمي رئيسا للوزراء على تأييد الائتلاف السني ورئيس إقليم كردستان العراق بشكل واضح.
من أبرز الخصال الإيجابية الأخرى للكاظمي أنه استطاع أن يحصل على الدعم الكامل من الطائفة الشيعية والأعراق والأديان الأخرى في بلاده، ولديه صلات جيدة وملفتة مع الشعب إلى جانب علاقاته الإقليمية والدولية الواسعة، والتي يمكن أن تحلّ العديد من القضايا المهمة في العراق والمنطقة.
نظرا لعملية الانسجام والتوافق بين الجماعات السياسية العراقية على انتخاب الكاظمي من المتوقع ان تشنّ وسائل الاعلام البعثية-العبرية العربية حملة خبيثة لتشويه صورة الكاظمي أمام الرأي العام العراقي وإظهاره كشخص معادٍ للمقاومة، وبالتأكيد، إن إنجازاته السابقة واللاحقة في الفترة القادمة ستكون كفيلة بوأد هذه المخططات الخبيثة.
في الختام يمكن استنتاج أن امريكا فشلت مرة أخرى بعد شهر من التحركات الخبيثة بهدف تغيير المسار السياسي في العراق بما يخدم مصالحهما، وأن إرادة الشعب الذي ذاق ويلات القهر في العراق جاءت بقيادة ذكية الى السلطة.
نورنيوز