في هذا الصدد كشف موقع “ميدل إيست آي” عن اعتقال أمير بارز ثان من أعضاء مجلس البيعة ضمن حملة التطهير التي يقوم بها ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان.
وقال رئيس تحرير الموقع ديفيد هيرست إن التحرك يأتي ضمن جهود محمد بن سلمان السيطرة الكاملة والتحضير ليأخذ مكان والده الملك سلمان. وأضاف هيرست أن الأمير الثاني وهو محمد بن سعد آل سعود، نجل سعد بن عبد العزيز أخ الملك سلمان.
وجاء اعتقاله بعد احتجاز الأمير أحمد بن عبد العزيز الشقيق الأصغر للملك سلمان مع ابنه نايف بن أحمد وولي العهد السابق محمد بن نايف.
وقال هيرست إن هناك 20 أميرا تم اعتقالهم منذ يوم الجمعة. ونقل الموقع عن مصدر مطلع قوله إن منصور الشلهوب، المدير الخاص لمكتب الأمير أحمد هو من ضمن المعتقلين. وكان الشقيق الأكبر لمحمد بن نايف، سعود بن نايف ووالد وزير الداخلية وعضو مجلس البيعة قد اعتقل للتحقيق معه وأفرج عنه يوم الأحد.
وكشف الموقع يوم الأحد عن خطة محمد بن سلمان لتنصيب نفسه ملكا بحياة والده، وأنه يريد إجبار الملك سلمان على التنحي عن العرش قبل انعقاد قمة العشرين بالسعودية في تشرين الثاني (نوفمبر) المقبل. ويحتاج محمد بن سلمان لإنجاز ما يريد إلى موافقة من مجلس البيعة. ويعلق هيرست أن أشكال الاعتقالات تؤكد ما كشف عنه موقع "ميدل إيست آي" نقلا عن مصادر على معرفة بخطة ولي العهد من أن مجلس البيعة هو مركز اهتمام ولي العهد وليس محاولة الانقلاب المزعومة.
ولمجلس البيعة في خطة محمد بن سلمان دورين، الأول، إعلانه عن عدم صلاحية الملك سلمان للحكم بسبب معاناته من فقدان الذاكرة. وربما منح المجلس سلطته لعملية تدعو الملك سلمان التخلي عن السلطة طوعا. ولو تم هذا فسيصبح محمد بن سلمان ملكا. وأشار الموقع سابقا إلى أن عودة الأمير أحمد بن عبد العزيز من منفاه في لندن جاءت بعد ضمانات حصلت عليها المخابرات البريطانية (أم أي6) والمخابرات الأمريكية (سي آي إيه) وعدم تعرضه لاعتقال. وكان هدف العودة هو منع ابن أخيه من الوصول إلى العرش عبر مجلس البيعة. أما الدور الثاني لمجلس البيعة فهو الموافقة على ولي العهد، عبر ثلاثة أسماء يقدمها الملك الجديد. ومن هنا فتطهير المجلس من الأصوات المعارضة يعتبر هدفا رئيسيا لمحمد بن سلمان.
ويشير هيرست أن حالة الملك الصحية تظل مصدرا للتقارير المتناقضة، ففي مؤتمر القمة العربية-الاتحاد الأوروبي نسي الملك قراءة سطر من خطابه وسأل أحد مساعديه إن كان قرأه أم لا. وفي مكالمة هاتفية بين الملك ورجب طيب أردوغان عقب مقتل الصحافي جمال خاشقجي لم يكن الملك في وضع للإجابة على أسئلة بل ردد ما كتب له. ولكن وفدا كويتيا التقى الملك العام الماضي قال إنه كان يتحدث مع أعضاء الوفد بسهولة وهدوء. ويشير تقرير الموقع إلى أن الحالة الصحية للملك قد تدهورت. ونقل مصدر عارف بحالة الملك قوله “لا يعرف ما يجري حوله ويردد نفس الكلمات وينسى ما قاله أو قاله الآخرين قبل دقائق ولا يمكنه التركيز”. أما الأمر الآخر المتعلق بالملك كما يشير التقرير هو قدرته على التحرك بحرية واستقلال عن ابنه الذي يسيطر على حرسه ويتصرف بأنه المدخل لمن يريد الحديث مع والده، بل ومنع شخصا يحب الملك لعب الورق معه. ويعني اعتقال الأمير أحمد ومحمد بن سعد بالإضافة للتحقيق مع سعود بن نايف واعتقال الأمير متعب سابقا أن4 من أعضاء مجلس البيعة تم اعتقالهم أو تحذيرهم. وتم تشكيل مجلس البيعة لتمثيل عدد من فروع العائلة من أبناء المؤسس عبد العزيز بن سعود، إلا أن تحرك محمد بن سلمان ضد أعضاء فيه يعني أنه بات تحت سيطرته. وترافقت حملة الاعتقالات الأخيرة مع حرب دعائية اتهمت محمد بن نايف بتعاطي المخدرات وأنه حليف لأردوغان. ويقول الموقع إنه تواصل مع السفارة السعودية في لندن للتعليق قبل نشر التقرير لكنها لم ترد.
نيويورك تايمز: حرب أسعار النفط تعكس تهور بن سلمان
من جهته قال الكاتب ديفد كيركباتريك في مقال بصحيفة نيويورك تايمز الأميركية إن حرب أسعار النفط التي شنها ولي العهد السعودي محمد بن سلمان أدت إلى حدوث هزة قوية في الاقتصاد العالمي، وأحيت الحديث في أروقة العواصم الغربية عن تهور بن سلمان ومدى قدرته على أن يكون شخصا يمكن الاعتماد عليه.
وأضاف الكاتب أن بن سلمان اعتقل عددا من كبار الأمراء قبل أيام، قبل أن يشن حربا نفطية ضد روسيا في اليوم التالي من خلال تخفيضه أسعار الخام السعودي بشكل حاد.
ونقل عن أحد الخبراء قوله إن هذه الحرب مع روسيا ستؤدي الى إحداث دمار في الاقتصاد السعودي والروسي والأميركي بالدرجة الأولى.
وبحسب المقال ذاته، أكد غريق برو الخبير في المنطقة والباحث في جامعة ميثوديست الأميركية أن الخطوة التي اتخذها بن سلمان تشكل تدميرا مؤكدا لأي اقتصاد يعتمد على النفط.
وأشار الكاتب إلى أن بن سلمان أعطى الضوء الأخضر لبلاده لضخ النفط بأقصى كمية بعد أن رفضت روسيا مقترح أوبك لزيادة التخفيضات من أجل التأقلم مع تفشي فيروس كورونا.
ويقول خبير آخر -حسب الصحيفة الأمريكية- إن الاقتصاد السعودي سيكون الأكثر تأثرا، لأن الاقتصاد الروسي أكثر تنوعا ولا يعتمد بالدرجة الأولى على إيرادات النفط كما هو الحال في السعودية.
ووفق تقرير صحيفة نيويورك تايمز، فإن السعودية لا تزال تعتمد بشكل كبير على النفط، والأكثر من ذلك أن احتياطياتها النقدية ظلت ثابتة منذ حوالي أربع سنوات عند نحو 500 مليار دولار، بانخفاض عن ذروتها البالغة حوالي 740 مليار دولار في صيف عام 2014.
ويقول المحللون -حسب الصحيفة- إن السعودية تحتاج إلى ما يسمى سعر التعادل البالغ نحو ثمانين دولارا للبرميل للوفاء بميزانيتها دون خفض جديد للاحتياطيات أو اعتماد تدابير تقشفية مؤلمة، لكن السعر هبط يوم الاثنين إلى نحو 35 دولارا للبرميل، أي أقل من نصف سعر التعادل.
يشار إلى أن أسعار النفط هوت الاثنين الماضي بنسبة 25% لتستقر عند 35 دولارا في أعقاب إعلان السعودية وروسيا أنهما ستزيدان الإنتاج بعدما انهار يوم الجمعة الماضي اتفاق بين كبار المنتجين استمر لثلاث سنوات لكبح المعروض في الأسواق.
وتنقل الصحيفة أيضا عن الباحثة في معهد دول الخليج الفارسي في واشنطن كريستين سميث ديوان قولها "إن التهديد الذي يواجه بن سلمان لا يأتي من منافسيه"، بل هو قادم من انهيار عائدات النفط، ومن انعكاسات ذلك على خططه الاقتصادية.
فايننشيال تايمز تصف ولي العهد السعودي بالمستبد
من جانبها قالت صحيفة فاينانشال تايمز تحت عنوان "المستبد في السعودية يضرب مجددا بحرب على النفط"، إن ولي العهد السعودي محمد بن سلمان عاود الكرة مجددا، فقد شن انقلابا جديدا في القصر وحربا لأسعار النفط ذات تبعات دولية.
وأشارت الصحيفة البريطانية إلى الاعتقالات التي طالت عدد من كبار الأمراء، والتي كان من أبرزهم الأمير محمد بن نايف وزير الداخلية السابق، الذي أطاح به "ابن سلمان" من ولاية العهد ونُصب هو بديلا عنه، ونواف بن نايف شقيق الرجل السابق، والأمير أحمد بن عبد العزيز شقيق الملك سلمان وأبرز الرافضين لتنصيب "ابن سلمان" وليا للعهد.
وتقول الصحيفة إن ولي العهد السعودي لم يقم حيال إيران إلا بالكثير من الكلام العدائي، بينما فرض حصارا على قطر وفقا لموقع "بي بي سي" .
ولفتت الصحيفة إلى أن الحماس الذي قوبل به محمد بن سلمان في البداية كان واسعا، حيث بدا أنه يمثل طموحات الشباب الذي يشعر بالاختناق في ظل مجمتع ديني.
وتضيف أن حماس ولي العهد لتحويل اقتصاد بلاده من الاعتماد على البترول إلى اقتصاد دولة حديثة يعتمد على الاستثمار وهذا ما لم يتحقق أبدا.
مؤكدة أن رجاحة رأي ولي العهد السعودي في محل شك من أمد طويل.
وكانت السعودية أطلقت حرب أسعار ضدّ روسيا، بعد ثلاث سنوات من الاتفاق على التحكم بالسوق النفطية من خلال خفض الإنتاج.مما دفع موسكو إلى رفض قرار وافق عليه أعضاء منظمة الدول المصدرة للنفط "أوبك" بتحقيق خفض إضافي لإنتاج النفط بحجم 1.5 مليون برميل يومياً، تضاف إلى 2.1 مليون برميل كان متفقاً عليها في السابق .
فكان رد بن سلمان الفوري على القرار الروسي هو خفض الأسعار بصورة كبيرة. ويرى الكاتب أن ذلك أدى إلى انهيار أسعار النفط وإلى أسوأ أداء لأسواق الأسهم منذ الأزمة الاقتصادية التي وقعت عام 2008.
وفي حين نقلت وكالة أسوشيتد برس الأميركية عن مصادر سعودية -وصفتها بالمطلعة- قولها إن اعتقالات الأمراء جاءت على سبيل الإنذار لجميع أفراد العائلة المالكة الذين ربما يشعرون بأنهم مهمشون "من أجل التوقف عن التذمر، وبدء دعم القيادة"، يقول الكاتب إن مصادر سعودية ترى ذلك كمحاولة لولي العهد للقضاء على أي محاولة انقلاب ضده أو كتذكرة بأنه لا تأخذه هوادة بأي شخص يتشكك في قدرته على خلافة العرش.
عبد الباري عطوان: السعوديّة تُشعِل فتيلي حربين في آنٍ واحد
تحتل السعوديّة العناوين الرئيسيّة هذه الأيّام لإعلان قيادتها حربين خطيرتين، الأولى داخليّة، عندما أقدم الأمير محمد بن سلمان الحاكِم الفِعلي، بإجراء حملة اعتقالات شمِلت العديد من الأُمراء الكِبار، والصّغار لإحكام قبضته الحديديّة على السّلطة، و”تحييد” جميع خُصومه، والثّانية عالميّة، تتمثّل في تخفيضه أسعار النّفط السعودي في حُدود عشرة دولارات للبرميل ومن طرفٍ واحد، في مُحاولةٍ لإخضاع روسيا لشُروطه وإجبارها على الالتزام بقرار اتّخذته منظّمة “أوبك” بتخفيض الإنتاج بحواليّ 1.5 مليون برميل يوميًّا لرفع أسعار النفط التي تراجعت بسبب انخِفاض الاستِهلاك نتيجة انتشار فيروس كورونا، خاصّةً في الصين أبرز الدول المُستَهلِكَة والمُستَورِدَة.
أسعار النفط، وبسبب هذا القرار السعوديّ “الانتقاميّ” من روسيا التي أعلن الأمير بن سلمان الحرب عليها، انهارت بنسبة 30 بالمِئة تقريبًا اليوم الاثنين، وانخفض سِعر البرميل إلى 30 دولارًا، ويتوقّع الخبير النفطيّ الكويتيّ عبد الصمد العوضي أنّ سِعر البرميل قد ينخفض إلى 25 دولارًا في الأيّام المُقبلة إذا استمرّت هذه الحرب، إن لم يَكُن أقل.
جميع الخُبراء لا يتوقّعون “هُدنةً” في هذه الحرب، لأنّ روسيا مُصمِّمةٌ على رفض أيّ تخفيض للإنتاج، لأنّها تخوض حربًا مُوازيةً ضِد النّفط الصخريّ الأمريكيّ الذي زاد مُعدّل إنتاجه في الفترة الأخيرة على حِساب اتّفاقات منظّمة “أوبك” مع الدول الأُخرى غير الأعضاء فيها، على تخفيض الإنتاج، ويعتقد صانع القرار الروسي أنّ انخِفاض أسعار النّفط سيُؤدِّي إلى إفلاس شركات النّفط الصّخري بسبب ارتِفاع تكاليف إنتاجه، وخُروجها من دائرة المُنافسة بالتّالي.
هذه هي الحرب الثّانية التي تخوضها السعوديّة ضِد روسيا، الأُولى كانت عام 2014، وبإيعازٍ من أمريكا، عندما قرّرت المملكة زيادة إنتاجها لتخفيض الأسعار لإلحاق أضرار بالاقتصادين الروسيّ والإيرانيّ، فهبطت الأسعار من 120 دولارًا للبرميل إلى 30 دولارًا، ولم تقم لها قائمة من حينها، وخَسِرت دول الخليج الفارسي مِئات المِليارات نتيجة تراجع عوائِدها النفطيّة بينما كانت خسائر إيران وروسيا مُحتَملةً، ولم يحدث الانهيار المأمول في اقتصاديّاتها، وخرجت البُلدان من الأزَمة أكثر قوّةً.
صانع القرار السعودي يعتقد أنّ روسيا ستصرخ أوّلًا، لأنّ تكاليف إنتاج البرميل الروسي ضعف، أو أكثر من إنتاج نظيره السعودي (3 دولارات للبرميل) ولكنّه لا يُدرِك أنّ روسيا تملك اقتصادًا أكثر تنوُّعًا، ولا تعتمد على النّفط وعوائده إلا بنسبةٍ محدودةٍ على عكس خصمها السعوديّ الذي تُشَكِّل العوائد النفطيّة حواليّ 90 بالمَئة من الدّخل الوطنيّ.
السعوديّة ونظيراتها في مجلس التعاون كانت الأكثر تضرّرًا من حالة الفوضى في أسواق الطاقة وانخِفاض أسعار النّفط، فقط انهارت مُعظم بُورصاتها بمُعدّلات وصلت اليوم إلى 10 بالمِئة، حتى أنّ الكويت اضطرّت إلى وقف التّعامل في بُورصتها، أمّا بُورصة قطر فعانت من أكبر انخِفاض في يَومٍ واحدٍ في تاريخها.
إذا صدقت نُبوءات الخُبراء النّفطيين التي تقول إنّ الاستهلاك العالميّ من النّفط قد يتناقص بحُدود 750 ألف برميل يوميًّا (الآن حوالي 75 ألف برميل) بسبب كارثة انتشار فيروس كورونا، فإنّ هذا سيُؤدِّي إلى صعوباتٍ اقتصاديّةٍ ضخمة لدول الخليج الفارسي النفطيّة، وتضاعف العُجوزات في ميزانيّاتها، وتراجع مُعدَّلات التنمية فيها، وقد يضطر مُعظمها للّجوء إلى الاحتِياط المالي أو صناديق الأجيال القادمة واستِنزافها كُلِّيًّا، وفرض ضرائب دخل عالية على مُواطنيها، ورفع أسعار الخدمات العامّة وإلغاء مجّانيّتها، وإجراء تخفيض هائل في ميزانيّاتها وإنفاقِها العام، واتّخاذ سياسات تقشفيّة صارِمَة.
الكثير من المُراقبين يعتقد أن هذا القرار السعودي بتخفيض الأسعار من جانبٍ واحد، ودون التّنسيق مع أشقائها الخليجيين، وأعضاء منظّمة أوبك الآخرين، كان قرارًا “مُغامِرًا” من حيث توقيته قد تترتّب عليه نتائج عكسيّةً، تمامًا مِثل نظيره عام 2014، خاصّةً أنّ الاستِهلاك العالميّ من النّفط يتراجع هذه الأيّام بنسبٍ عاليةٍ من جرّاء توقّف شِبه كامِل لقِطاع الطّيران الذي خَسِر حواليّ 120 مِليار دولار في الأيّام القليلة الماضية بسبب انخِفاض عدد المُسافرين خوفًا من الكورونا، وإفلاس العديد من الشّركات.
شركة أرامكو خَسِرت حتّى الآن، وبسبب الانهِيارات الماليّة العالميّة، وتراجع استِهلاك النّفط، حواليّ 248 مِليار دولار من قيمتها، وتراجعت أسعار أسهمها بحواليّ 10 بالمِئة بالمُقارنة مع سِعرها عندما جرى طرحها في الأسواق أو ما يُعادل 8.5 دولار للسّهم.
رؤية الأمير محمد بن سلمان 2030 لتنويع مصادر الدّخل، ومشروع إقامة مدينة “نيوم” الترفيهيّة على شاطِئ البحر الأحمر شِمال غرب المملكة التي تحتاج إلى استِثمارات بـ 500 مليار دولار قد يكونان من أبرز المُتضرِّرين في حالِ استمرار حالة الانهيار في أسعار النّفط والأسواق الماليّة العالميّة.
مِن المُفارقة أنّ الدول الفقيرة في العالم ومن ضِمنها الدول العربيّة غير المُنتجة للنفط، ستكون المُستفيد الأكبر من انخِفاض أسعار النّفط، لأنّ بند الطاقة يحتل نسبة كبيرة في ميزانيّاتها العامّة.
صندوق النقد الدولي تنبّأ في تقريرٍ له الأُسبوع الماضي أنّ الدول الخليجيّة، أو مُعظمها، قد يُواجِه الإفلاس في عام 2034 بسبب تراجع استِهلاك النّفط إلى حُدوده الدنيا بسبب توقّف إنتاج السيّارات المُعتَمدة عليه كُلِّيًّا، واللّجوء إلى مصادر بديلة للطّاقة مِثل الرّياح والطّاقة الشمسيّة والذريّة، والسيّارات الكهربائيّة.
حالة الفوضى الحالية في أسواق النفط، وتراجع الإنتاج بمُعدّلات كبيرة بسبب فيروس “الكورونا” ربّما يُؤدِّي إلى تقديم موعد حالة الإفلاس هذه، واللُّجوء إلى الديون، وفرض الضرائب، والاقتراض من صندوق النقد الدولي، لتراجع العوائد النفطيّة، وغِياب أيّ مصادر بديلة للدّخل، وحينها ستنتهي الدولة الريعيّة، وحالة البذَخ والتّرف، وستبدأ مرحلة مُطالبة الشّعوب بحُقوقها السياسيّة، والشّراكة في السّلطة وحُكم البِلاد، لأنّ العقد الاجتماعيّ والسياسيّ بين الشّعوب ومُعظم الأُسَر الحاكمة الذي يَحكُم العُلاقة الحاليّة سيتآكل وينقرض.. واللُه أعلم.
وتكبدت البورصات الخليجية خسائر فادحة تجاوزت 224 مليار دولار، الأحد الماضي جاء النصيب الأكبر منها في الجانب السعودي، على خلفية حملة الاعتقالات الجديدة التي شنها ولي العهد محمد بن سلمان لأمراء بارزين في المملكة، على رأسهم الأمير أحمد بن عبد العزيز آل سعود، شقيق الملك سلمان، فضلا عن فشل اتفاق خفض إنتاج النفط بين منظمة أوبك وحلفائها من خارج المنظمة، يوم الجمعة الماضي، ما يشعل حرباً لحرق الأسعار بين الدول المنتجة.
وكانت البورصات الخليجية على موعد مع يوم أسود جديد، بعدما شهدت في نفس اليوم من الأسبوع الماضي انهياراً للمؤشرات بفعل المخاوف المتصاعدة من تفشي فيروس كورونا الجديد.
وهوى المؤشر العام للبورصة السعودية بنسبة 8.3 في المائة، مسجلا أدنى مستوى للمؤشر منذ نوفمبر/ تشرين الثاني لعام 2017، بإغلاقه عند 6846.3 نقطة، لتخسر الأسهم نحو 739 مليار ريال (197 مليار دولار)، بعد أن انزلقت القيمة السوقية للبورصة إلى 7.579 تريليونات ريال.
وانهارت جميع قطاعات السوق، ليهبط مؤشرا الطاقة بنسبة 8.75 في المائة، والمواد الأساسية بنسبة 8.56 في المائة.
وهبط سعر سهم أرامكو، عملاق النفط السعودي، إلى ما دون سعر الطرح الرئيسي لأول مرة، ليصل إلى 30 ريالاً (8 دولارات)، بينما كان قد تحدد لدى الطرح في ديسمبر/كانون الأول الماضي بـ 32 ريالاً.
وقال محللون في أسواق المال إن المخاوف من تهاوي أسعار النفط، على خلفية تفكك تحالف أوبك مع المنتجين من خارجها على رأسهم روسيا، وكذلك حملة الاعتقالات الجديدة، التي يشنها بن سلمان في صفوف الأمراء، أحرقت أسهم البورصة، مشيرين إلى هروب كبير من جانب المستثمرين من السوق.
وسجل سوق دبي المالي ثاني أكبر الخسائر خليجيا، بعد أن هوى مؤشره العام بنسبة 7.87 في المائة، كما تراجع مؤشر بورصة أبوظبي 5.37 في المائة، لتخسر أسهم الإمارات نحو 44 مليار درهم (12 مليار دولار).
وتراجع المؤشر الرئيسي لبورصة الكويت بنسبة 3.5 في المائة، لتفقد نحو 9.5 مليارات دولار، وانخفض المؤشر العام لبورصة قطر بنسبة 2.92 في المائة، لتخسر الأسهم نحو 4.8 مليارات دولار.
وهبط مؤشر البحرين 3.41 في المائة، لتخسر الأسهم قرابة 920 مليون دولار، فيما تراجع المؤشر العام لسوق مسقط للأوراق المالية بنسبة 2.75 في المائة، لتفقد الأسهم نحو 400 مليون دولار من قيمتها السوقية.
ولم تسلم بورصة مصر، التي يعتمد نظامها برئاسة عبد الفتاح السيسي على الدعم السخي من السعودية والإمارات والكويت، من الخسائر، ليهبط مؤشرها الرئيسي "إي جي إكس 30 بنسبة 4.04 في المائة، متأثرا كذلك بالهلع الذي سيطر على المستثمرين من اتساع نطاق أضرار انتشار فيروس كورونا الذي وصلت عدواه إلى قطاع السياحة الحيوي، لتخسر الأسهم قرابة 1.12 مليار دولار.
وتتزايد تداعيات كورونا وتهاوي أسعار النفط على أسواق الخليج الفارسي ومصر بشكل خاص. وفي وقت سابق من مارس/آذار الجاري، حذر صندوق النقد الدولي من أنه يجب على دول الخليج الفارسي، التي تعتمد بشدة على إيراداتها النفطية، القيام بإصلاحات أعمق، أو المخاطرة برؤية ثرواتها تتلاشى خلال 15 عاماً، مع تراجع الطلب العالمي على النفط وانخفاض الأسعار.
وقفزت ديون حكومات دول مجلس التعاون إلى نحو 501 مليار دولار، بنهاية الربع الثاني من العام الماضي 2019، وفق تقرير لبنك الكويت الوطني حول تطورات سوق أدوات الدين، نشر في أغسطس/ آب الماضي، وذلك مقابل نحو 100 مليار دولار في 2014.
نورنيوز-وكالات