بدأ حزب العدالة والتنمية الحاكم في تركيا تحضيرات واستعدادات لتقديم طلب إلى البرلمان التركي من أجل الموافقة على مذكرة تمكن الحكومة التركية من إرسال قوات عسكرية إلى ليبيا، وذلك بعد أيام قليلة من موافقة البرلمان على مذكرة التفاهم العسكرية التي تم التوقيع عليها بين البلدين، إلى جانب مذكرة أخرى تتعلق بتعيين الحدود البحرية، وأثارت ردود فعل واسعة في المنطقة.
وأوضح التلفزيون الرسمي التركي (تي ري تي خبر) في تقرير له، الثلاثاء، أن حزب العدالة والتنمية الحاكم بدأ بالفعل التحضير لتجهيز مذكرة يتم تقديمها للبرلمان التركي تخول الحكومة التركية بالبدء بإرسال قوات عسكرية إلى ليبيا بموجب مذكرة التفاهم العسكري بين البلدين.
ولفت التقرير إلى أن الحزب الحاكم أصدر تعليماته لنوابه في البرلمان بالبدء في العمل على المذكرة، وذلك عقب الاجتماع الذي عقد في العاصمة أنقرة للجنة المركزية للحزب برئاسة أردوغان، مساء الإثنين، وأن الكتلة البرلمانية للحزب بدأت عملياً بإعداد المذكرة.
يتوجب على حكومة الرئيس التركي الحصول على إذن من البرلمان التركي، ويجري ذلك من خلال إرسال مذكرة وطلب موافقة من البرلمان بأغلبية أكثر من 50٪ من أصوات النواب
وكما جرى سابقاً في قرار إرسال قوات من الجيش التركي إلى سوريا والعراق، يتوجب على حكومة الرئيس التركي الحصول على إذن من البرلمان التركي، ويجري ذلك من خلال إرسال مذكرة وطلب موافقة من البرلمان الذي يجب أن يوافق عليها بأغلبية أكثر من 50٪ من أصوات النواب.
ويتوقع أن يتم عرض المذكرة المتعلقة بإرسال القوات إلى ليبيا على البرلمان بعد السابع من يناير/كانون الثاني المقبل، وهو موعد عودة البرلمان إلى الانعقاد عقب انقضاء إجازة نهاية العام، وحتى الآن لم تطلب الحكومة من البرلمان قطع إجازته والعودة العاجلة للانعقاد، وهو ما يؤشر إلى عدم استعجال أنقرة في إرسال قوات إلى ليبيا في حال قررت ذلك.
والأحد الماضي، جدد أردوغان تأكيده عزم بلاده إرسال قوات إلى ليبيا إذا طلبت طرابلس ذلك، وقال في لقاء تلفزيوني: “سنتخذ الخطوات اللازمة إذا تلقينا دعوة أو طلباً من الجانب الليبي في هذا الإطار”، مضيفاً: “صرّحت في وقت سابق أيضًا بأننا مستعدون لتقديم جميع أشكال الدعم لليبيا، والخطوات اللازمة نتخذها في إطار القانون الدولي”.
والسبت، وافق البرلمان التركي على مذكرة التفاهم الخاصة بالتعاون الأمني والعسكري بين تركيا وليبيا، حيث ينص الاتفاق بين البلدين على “التزامهما بأهداف ومبادئ ميثاق الأمم المتحدة، والأخذ بعين الاعتبار أحكام مذكرة التفاهم في مجال التدريب العسكري الموقع بين البلدين في 2012، وكذلك التعاون في مختلف المجالات الأمنية والعسكرية على أساس الاحترام المتبادل للسيادة والمساواة وبما يساهم في خدمة المصالح المشتركة والقدرة الاقتصادية للطرفين”.
وتشمل المذكرة “دعم إنشاء قوة الاستجابة السريعة التي من ضمن مسؤوليات الأمن والجيش في ليبيا، لنقل الخبرات والدعم التدريبي، والاستشاري والتخطيطي والمعدات من الجانب التركي. وعند الطلب يتم إنشاء مكتب مشترك في ليبيا للتعاون في مجالات الأمن والدفاع بعدد كاف من الخبراء والموظفين”.
كما تنص المذكرة على “توفير التدريب، والمعلومات التقنية، والدعم، والتطوير والصيانة، والتصليح، والاسترجاع، وتقديم المشورة، وتحديد الآليات، والمعدات، والأسلحة البرية، والبحرية، والجوية، والمباني، والعقارات (مراكز تدريب) بشرط أن يحتفظ المالك بها”.
وينص الاتفاق أيضاً على “تقديم خدمات تدريبية واستشارية تتعلق بالتخطيط العسكري ونقل الخبرات، واستخدام نشاطات التعليم والتدريب ونظم الأسلحة والمعدات في مجال نشاطات القوات البرية، والبحرية، والجوية المتواجدة ضمن القوات المسلحة داخل حدود البلدين”، بالإضافة إلى “المشاركة في التدريب والتعليم الأمني والعسكري، والمشاركة في التدريبات العسكرية أو المناورات المشتركة، والصناعة الخاصة بالأمن والدفاع، والتدريب، وتبادل المعلومات الخاصة والخبرات، وتنفيذ المناورات المشتركة في مجال مكافحة الإرهاب، والهجرة غير الشرعية، وأمن الحدود البرية، والبحرية، والجوية”.
المرتزقة السودانيون يتدفقون إلى ليبيا
من جانبها نشرت صحيفة “الغارديان” تقريرا لجيسون بيرك وزينب محمد صالح حول وصول مزيد من المرتزقة السودانيين إلى ليبيا، مما يفتح الباب أمام حرب طويلة.
وقالا إن مئات من المرتزقة السودانيين انضموا إلى القوات المعارضة للحكومة في طرابلس ودعما لما يطلق عليه الجيش الوطني الليبي بزعامة أمير الحرب خليفة حفتر. وأضافا أن تدفق أعداد كبيرة من المرتزقة السودانيين أثار المخاوف من حرب مستعصية في هذا البلد الذي يعيش حربا أهلية منذ سقوط نظام معمر القذافي عام 2011. ونقلت الصحيفة عن قادة لمجموعات مسلحة سودانية ناشطة في ليبيا إنهم استقبلوا أعدادا جديدة من المقاتلين لدعم قوات حفتر التي تشن حملة ضد قوات الحكومة المعترف بها دوليا في طرابلس.
وقال زعيم جماعة مسلحة يتمركز في الجنوب الليبي: “وصل عدد كبير من الشباب، وليست لدينا القدرات لاستيعاب مثل هذه الأعداد”.
هناك 3.000 من المرتزقة السودانيين يقاتلون الآن في ليبيا، وهو عدد أكبر مما تم تقديره في الماضي
وقال القادة إن هناك 3.000 من المرتزقة السودانيين يقاتلون الآن في ليبيا، وهو عدد أكبر مما تم تقديره في الماضي. وقال تقرير لمجموعة الخبراء بالأمم المتحدة صدر بداية الشهر الحالي إن التدخل الخارجي يعتبر تهديدا لاستقرار البلد الذي مزقته الحرب. وجاء في التقرير المكون من 376 صفحة أن وجود الجماعات المسلحة السودانية بات واضحا في عام 2019 وقد يقود لحالة واسعة من عدم الاستقرار.
وتعيش ليبيا وسط نزاع بين حكومة معترف بها دوليا وأخرى في الشرق وكل واحدة تحظى بدعم أطراف خارجية. وكان حفتر قد شن حربا خاطفة على العاصمة طرابلس في نيسان (أبريل) على أمل السيطرة عليها، لكنه علق في رمالها وتحولت الحملة إلى حالة من الاستنزاف يقوم كل طرف فيها بقصف الطرف الآخر. وكان حفتر قد أعلن بداية الشهر عن التحضير لساعة الصفر والمعركة الحاسمة للدخول إلى العاصمة.
وفي الوقت الذي تحظى به جماعة حفتر بدعم فرنسي وروسي ومصري وسعودي وإماراتي فإن حكومة الوفاق الوطني تدعمها تركيا وقطر فقط.
وجاء في تقرير الأمم المتحدة أن تركيا والأردن والإمارات قامت وبشكل منظم بخرق الحظر المفروض على تصدير السلاح إلى ليبيا، ولم تقم بإخفاء الدعم. وجاء فيه: “لا طرف من الأطراف لديه القدرات الكافية لحسم نتيجة المعركة لصالحه”.
وتعززت قوات حفتر أيضا بوصول مرتزقة من روسيا. وتقول الصحيفة إن عددا من الجماعات السودانية التي تعمل من داخل ليبيا قاتلت في دارفور في عدد من الحروب ضد حكومة الخرطوم. وقال قائد مجموعة مرتزقة إن عددا من المقاتلين الذين وصلوا إلى ليبيا لديهم تجربة في القتال ضد نظام عمر البشير الذي أطاحت به ثورة شعبية في نيسان (إبريل). وقال قائد آخر إن عددا منهم تم تجنيده في السودان فيما سافر آخرون بأنفسهم للمشاركة.
وعبر القادة الذين تحدثت معهم الصحيفة عن أنهم يأملون العودة إلى السودان وقتال الحكومة الانتقالية التي نصبت بعد رحيل البشير. وعلق أحدهم: “أعرف أننا مرتزقة ولا نقاتل بكرامة وشرف، ولكن هذا أمر مؤقت وسنعود بعد نهاية المهمة”. وقال آخر إن المشاركة بالحرب الليبية هي الطريقة الوحيدة للحصول على المصادر الضرورية لمواصلة القتال في السودان. وأضاف أنه لم يتوقع سقوط الديكتاتور العجوز إلا أن نهايته “غيرت المعادلة السياسية”، وأن الحكومة الانتقالية في الخرطوم لا تختلف عن النظام السابق و”لا نعتقد أن البشير قد انتهى، ونحن الآن في ليبيا لكن هناك معارك أخرى تنتظرنا في السودان”.
ونقلت الغارديان عن مسؤول بارز في المرتزقة يقيم في طرابلس أنه ليس هناك جدول زمني لمغادرة ليبيا، إلا أن أي إقامة هنا تظل مؤقتة “فنحن هنا من أجل تأمين القاعدة والسلاح والمعدات العسكرية اللوجيستية الأخرى والعودة إلى السودان”.
ونقلت الصحيفة عن جليل الحرشاوي من معهد كلينغندال في هيج بهولندا قوله إن تدفق المرتزقة قد يكون عامل فوضى على المدى البعيد. وأضاف: “جاء الشباب للحصول على المال، وقد يكون ذلك لمدة عام أو عامين أو أكثر. وفي النهاية سيتوقف القتال وسيبدأون بالعودة إلى السودان”. وهناك تقارير تتحدث عن نشر قوات من قوات الدعم السريع للقتال مع حفتر.
وتحدث تقرير صدر عن الأمم المتحدة مؤخرا عن قوات تابعة لمحمد حمدان دقلو (حميدتي) تم نشرها في ليبيا في 25 تموز (يوليو) 2019، ويعمل المرتزقة السودانيون بالتهريب ونشاطات أخرى. وقال قائد إنه ساهم بتهريب مهاجرين بين السودان وليبيا الراغبين بالهجرة إلى أوروبا.
وقال تيم إيتون من تشاتام هاوس في لندن بأنه يُعرف عن المرتزقة ابتزازهم المال من المهربين والمهاجرين و”هذه وسائل لرفع “الضريبة” من خلال تسهيل أو تعويق” التهريب. وأشار قائد سوداني إلى أن المرتزقة السودانيين ساهموا بالسيطرة على حقول النفط لصالح قوات حفتر. وتم تأكيد هذا الزعم من تقارير للأمم المتحدة أكدت مساعدة المرتزقة السودانيين على تأمين حقول النفط: “بدون مساعدتنا لم يكونوا قادرين على تحريرها، وساهمنا بنسبة 505 من الجهود العسكرية”.
نورنيوز-وكالات