إستطاع بن زايد منذ بداية رئاسة الجمهورية من خلال الواسطة فيما بين السعودية وترامب أن يزود الأخير بمئات المليارات من الدولارات و ذلك لتوافر الإمكانيات الإقتصادية لدى المملكة، فيما أبعد بن سلمان مؤقتا عن ساحة الأزمة الناشئة بسبب دعمه لهيلاري كلينتون في مقابل ترامب.
من خلال هذه الخطوة إستطاع محمد بن زايد كسب ثقة الرياض العمياء وترامب التامة بصفته العنصر الفعال في قضايا المنطقة.
تحالف الإمارات مع السعودية في الحرب على الشعب اليمني، جعلت علاقة بن زايد و بن سلمان أحر وأوطد من الفترة الماضية، و نظرا لتغيير سلوك ترامب اتجاه إيران وعودة العقوبات الأحادية على طهران، فقد وفّر الأرضية لتحالف أكثر شمولا فيما بين الدول الثلاث لممارسة الضغوط على إيران.
تغير الظروف السياسية والميدانية و تناقضها إضافة للتقديرات الطائشة من قبل ترامب بشأن بن سلمان وبن زايد والتي تبعها إخفاقاتهم المتتالية في عدة دول كـ سوريا، اليمن، العراق، لبنان بالإضافة لتصدي إيران للضغوطات الإقتصادية الناشئة من العقوبات أدّى إلى تدوير عجلة التغييرات في اتجاه آخر.
وفي هذا الصدد أدرك بن زايد الورطة التي هو بها وأيقن ضرورة قلب المعادلة وتغيير الخطط الماضية والتي تجسدت بالإبتعاد عن المملكة العربية السعودية لاسيما في أزمة اليمن، واتخاذ الطريق الآمن في تضامنهم مع أميركا ضد إيران، المحاولة للتقرب من طهران باتت ضمن جدول أعمال أبو ظبي وأيقنت أنها بحاجة لتسريع الخطوات في هذا السياق.
تأمل الإمارات من خلال تبني إستراتيجيتها الجديدة فتح آفاق إستعادة العلاقات الإقتصادية المربحة مع إيران كما تأمل في ظل هذا الإنفعال والضعف الشديد للسعودية أن تتمكن من تأمين المعادلات السياسية والأمنية للبلاد الجنوبية المجاورة للخليج الفارسي.
العلاقات الحميمة لهذا البلد مع الحكومة العراقية والتي فشلت العربية السعودية في تحقيقها على الرغم من مساعيها المتواصلة في هذا السياق، هي إمكانيات إيجابية أخرى عززت إلى حد كبير آمال الإمارات في التغلب على السعودية لتصبح اللاعب الأول وتحتل بذلك مكان الرياض في المنطقة.
حاليا و مع غزو عدن من قبل القوات التابعة للإمارات وتقارب الإمارات المتزايد من إيران، جعل السعودية في تردد حول إعادة النظر لتحالفها الإستراتيجي مع أبو ظبي، نظرا إلى ظهور دلائل على إتخاذ الإمارات لمنهج مختلف في القضايا الإقليمية التي تنتهجها السعودية، لاسيما وأن لدى أبو ظبي نيّة إصلاح علاقاتها المضطربة مع طهران.
يعد التغيير الكبير لعلاقة السعوديين مع الحجاج الإيرانيين، بجانب الإتفاقت الأولية بخصوص تواجد العناصر القنصلية لكلا البلدين في كل من مشهد و جدة، هي علامات تدل على تغير سلوك السعوديين إتجاه إيران.
لطالما كانت إيران منفتحة للحوار مع جيرانها، بما في ذلك السعودية، كما بطبيعة الحال بإمكان كلا البلدين أن يتعاملا بشكل جدي أكثر من خلال البدء في مفاوضات حول إنهاء التوترات في اليمن والترتيبات الأمنية المشتركة في المنطقة والتعاون في سوق النفط مما يخفض الأسعار التي تصب في مصلحة كلا البلدين.
نورنيوز