معرف الأخبار : 219658
تاريخ الإفراج : 4/8/2025 12:07:58 PM
سيناريو المفاوضات بين طهران وواشنطن؛ عمليات ترامب النفسية تحت ستار الدبلوماسية

خاص نورنيوز..

سيناريو المفاوضات بين طهران وواشنطن؛ عمليات ترامب النفسية تحت ستار الدبلوماسية

مزاعم ترامب بشأن المفاوضات المباشرة مع إيران يوم السبت ليس خبرا جديدا عن الواقع الدبلوماسي، بل هو محاولة ذكية لهندسة الرأي العام وتعزيز الحرب السردية. إن الرد الإيراني المدروس على هذه العملية النفسية سوف يحدد مستقبل التفاعلات الاستراتيجية بين الجانبين.

نورنيوز- ينبغي تقييم التصريحات الأخيرة لدونالد ترامب بشأن عقد لقاء مباشر مع كبار المسؤولين الإيرانيين يوم السبت في إطار عملية نفسية معقدة تهدف إلى التأثير على الرأي العام الداخلي الايراني والأجنبي.

وأدلى بهذه التصريحات في حضور رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو. وزعم أن "مفاوضات على أعلى المستويات" تجري بين إيران والولايات المتحدة، وأعلن عشية زيارة رسمية إلى الرياض عن لقاء مهم ومباشر مع الجانب الإيراني. اجتماع تم قبوله أيضًا من قبل مسؤولين إيرانيين، وفقًا لتقارير وسائل الإعلام مثل الجزيرة ورويترز ووكالة فرانس برس، وفقًا لترامب.

في حين أن المتحدث باسم وزارة الخارجية في الجمهورية الإسلامية الإيرانية ومسؤولين دبلوماسيين آخرين في البلاد رفضوا هذا الادعاء بشكل قاطع وأكدوا أنه لم يكن هناك أي حوار حتى الآن، وحتى لو جرت مفاوضات فإن العملية ستكون غير مباشرة بحتة.

ينبغي تحليل المناورات الإعلامية التي يقوم بها ترامب في سياق الحرب السردية في ساحة السياسة الخارجية الأميركية. ومن خلال ادعائه إجراء مفاوضات مباشرة، يحاول ترامب ليس فقط المطالبة بمبادرة دبلوماسية باسمه، بل وأيضاً وضع إيران في موقف سلبي. موقف يصور الجمهورية الإسلامية كطرف غير مرن يعارض الحوار.

ويحمل هذا التكتيك وظائف سياسية بالنسبة لترامب على الساحة الأمريكية الداخلية، كما أنه أداة لممارسة الضغط السياسي على المستويين الإقليمي والدولي، خاصة بعد الضغوط العالمية على الولايات المتحدة خلال حرب التعريفات الجمركية.

وفي مثل هذا الإطار، فإن الهدف الرئيسي ليس التوصل إلى اتفاق، بل تعزيز مكانة الولايات المتحدة باعتبارها "رائدة" و"مبتكرة" في حل النزاعات؛ وهذه الرواية التي يتم نشرها من خلال تغطية إعلامية واسعة النطاق واستخدام مصادر إخبارية قريبة من البيت الأبيض، قوبلت باستجابة مدروسة من المسؤولين الإيرانيين، وخاصة على مستوى وزارة الخارجية.

وبالإضافة إلى هذا النشاط الإعلامي، فإن تصريحات بنيامين نتنياهو في واشنطن، في أعقاب تصريحات ترامب بشأن إمكانية التوصل إلى اتفاق "شبيه بليبيا" مع إيران، لها معنى خاص في مجال التحليل الاستراتيجي.

إن الإشارة إلى النموذج الليبي تظهر بوضوح الفهم غير الصادق من الجانب الأمريكي وحلفائه لمفهوم الاتفاق. إن التجربة الليبية في عام 2003 ــ حيث واجهت حكومة معمر القذافي، بعد قبول نزع السلاح الكامل والإشراف الدولي المكثف وفتح البنية الدفاعية لبلادها، تدخلاً عسكرياً من جانب حلف شمال الأطلسي وانهيارها في نهاية المطاف ــ تظل حاضرة في الذاكرة الاستراتيجية للعديد من البلدان المستقلة.

وفي هذا السياق، فإن الإشارة إلى مثل هذا النموذج لا تحمل رسالة دبلوماسية فحسب، بل تشير أيضاً إلى نهج تهديدي وقسري في سياسة الولايات المتحدة وحلفائها.

*الدبلوماسية الإعلامية مقابل الدبلوماسية الرسمية

إن التناقض بين ادعاءات البيت الأبيض الإعلامية والمواقف الرسمية للجمهورية الإسلامية الإيرانية هو دليل على عدم وجود البنية التحتية اللازمة لعملية دبلوماسية حقيقية. وكما حاول في السابق تعزيز موقفه من خلال الضغط الإعلامي في قضية الرسائل الرسمية إلى طهران، يسعى ترامب هذه المرة أيضاً إلى التلاعب بالفضاء الإدراكي باستخدام ادعاء غير مخطط له وغير موثق. ولكن الافتقار إلى قنوات واضحة، والتنسيق الأولي، وحتى الفهم الأساسي، يشير إلى أن الادعاء المذكور أعلاه هو مجرد عرض تكتيكي في خدمة الأهداف السياسية قصيرة الأجل أكثر منه علامة على الواقعية الدبلوماسية.

*التقييم الاستراتيجي لسيناريو يوم السبت

وعلى المستوى الاستراتيجي، فإن ما يسعى إليه ترامب ليس البدء في مسار دبلوماسي موثوق، بل اختبار رد فعل إيران على الضغوط النفسية والإعلامية والسياسية مجتمعة. ويأتي اتخاذ هذا الإجراء بهدف تقييم مدى استعداد الجمهورية الإسلامية للدخول في عملية التفاوض. وهي عملية قد تستغل، إذا ما قوبلت بتعاون طهران وصمتها، كأساس لفرض مطالب أميركية أحادية الجانب.

في المقابل، فإن الموقف الواضح والمنطقي لوزارة الخارجية الإيرانية، التي ترفض صراحة أي مفاوضات مباشرة وتعتبر إمكانية المفاوضات غير المباشرة خاضعة لشروط خاصة، يشير إلى الحفاظ على التماسك في استراتيجية دبلوماسية المقاومة. وما دامت الولايات المتحدة لا تغير سلوكها الفعلي فحسب، بل وتستمر في السعي إلى تغيير حسابات الجانب الآخر من خلال التهديدات والعقوبات والعمليات النفسية، فلن تكون أي مفاوضات - مباشرة أو غير مباشرة - قادرة على أن تشكل أساساً لحل حقيقي للقضايا.


نورنيوز
تعليقات

الاسم

البريد الالكتروني

تعليقك