نورنيوز- انتخب مجلس النواب اللبناني، يوم الخميس 9 يناير/كانون الثاني، الجنرال جوزيف عون رئيساً جديداً للبلاد، بعد فراغ رئاسي استمر 27 شهراً.
وأثار هذا الأمر، الذي حصل بعد الجولة الثانية من التصويت بحصول العماد عون على 99 صوتا من أصل 128 صوتا ممكنة، اهتمام العديد من المحللين والمراقبين المحليين والأجانب، لكن هذا الحدث، إلى جانب كونه تغييراً في قمة السلطة السياسية، كشف عن العديد من المؤشرات، بما في ذلك تأثير الضغوط الخارجية على البيئة السياسية في لبنان، فضلاً عن الدور الفعال للائتلاف الوطني (حزب الله وأمل) في موازنة التطورات السياسية في لبنان.
*لماذا تعتبر الانتخابات الرئاسية مهمة؟
واجه لبنان العديد من الضغوط في السنوات الأخيرة، وخاصة في ظل الأزمات الاقتصادية والسياسية والتطورات الإقليمية. وتلعب الانتخابات الرئاسية دورا رئيسيا باعتبارها فرصة لرسم مستقبل البلاد السياسي. ولا تشير هذه الانتخابات إلى اتجاه سياسي جديد فحسب، بل تحدد أيضاً الاستراتيجيات الكبرى للتعامل مع التحديات المحلية والخارجية.
*موقع الرئيس في التركيبة السياسية اللبنانية
ورغم أن صلاحيات الرئيس اللبناني محدودة في النظام القبلي في البلاد، فإن هذا المنصب لا يزال قادرا على التأثير على عمليات صنع القرار، وتشكيل الحكومة، وإدارة الأزمات الوطنية. إن انتخاب جوزيف عون، وهو شخص ذو مسار عسكري طويل، قد يؤكد على الحاجة إلى إعادة بناء الثقة والاستقرار في البنية السياسية في لبنان.
*مكانة الجيش في السياسة اللبنانية
جوزيف عون هو القائد الرابع للجيش الذي يصبح رئيساً للبلاد، ويعتبر الجيش اللبناني رمزاً للتوازن الوطني داخل البنية القبلية في البلاد، على الرغم من أن فعاليته كانت محدودة ضد التهديدات الخارجية، وخاصة الكيان الصهيوني.
*دور الائتلاف الوطني في الانتخابات
لقد تأثرت الانتخابات الأخيرة بضغوط مباشرة من الولايات المتحدة والسعودية، ولكن قوى المقاومة الوطنية، بما في ذلك حزب الله وحركة أمل، لعبت دوراً بارزاً في الحفاظ على استقلال القرار السياسي في لبنان.
وأثبت الائتلاف الوطني مرة أخرى قدرته على مواجهة السياسات الخارجية المفروضة.
إن موافقة الائتلاف الوطني على المشاركة في الدورة الثانية من الانتخابات، بعد الورقة البيضاء في الدورة الأولى، جاءت مصحوبة بشروط اعتبرت أنها تضمن الحفاظ على السيادة الوطنية اللبنانية. وتضمنت هذه الشروط الاتفاق على سياسات الدفاع، وإعادة البناء الاقتصادي، وانسحاب القوات الأجنبية، والسيطرة على وزارة المالية، وتعيين قائد الجيش المستقبلي.
*تأثير التطورات في سوريا على لبنان
لقد كان لبنان، باعتباره جاراً قريباً من سوريا، متأثراً دائماً بالتطورات في ذلك البلد. وقد واجه سقوط حكومة بشار الأسد، أحد حلفاء حركة المقاومة اللبنانية، تحديات أمنية إضافية، إن عودة عدم الاستقرار في سوريا قد يؤدي إلى تهديدات خطيرة لأمن حدود لبنان وسلامة أراضيه.
*زيارة ماكرون المرتقبة إلى لبنان
أعلن القصر الرئاسي الفرنسي أن الرئيس إيمانويل ماكرون سيتوجه قريباً إلى لبنان. وتهدف الزيارة، التي ستتم بعد انتخاب جوزيف عون، إلى دعم الإصلاحات السياسية والاقتصادية في لبنان.
ويواجه جوزيف عون سلسلة من الأزمات، بدءاً من إعادة بناء الاقتصاد والبنية التحتية التي مزقتها الحرب، إلى مواجهة الضغوط الخارجية لنزع سلاح حزب الله وإدارة العلاقات مع الدول الكبرى. ومن أبرز التحديات التي يواجهها الرئيس اللبناني الجديد فرض الضغوط الدولية، وخاصة فيما يتصل بالقرار 1701 والتهديدات الإسرائيلية، وهو ما قد يؤدي إلى زيادة التوترات والأزمات الداخلية. كما أن ضعف الجيش اللبناني في مواجهة التهديدات الخارجية واعتماده على المساعدات الأميركية في مجال الأسلحة خلقا قيوداً على تعزيز الأمن الداخلي.
إن مستقبل لبنان يعتمد إلى حد كبير على قدرة جوزيف عون على إدارة الأزمات والتغيرات الداخلية والخارجية. ورغم أن الرئاسة اللبنانية لا تتمتع بسلطة تنفيذية عليا، فإن هذا الدور حاسم في سياسة البلاد، وقد يكون نجاح عون أو فشله له آثار عميقة على السياسة الداخلية والأمن الإقليمي.
*فرصة لإعادة بناء لبنان
تعدّ هذه الانتخابات فرصة لإعادة بناء ثقة الشعب اللبناني بالبنية السياسية والتقدم نحو الاستقرار. وبفضل الدعم الواسع الذي يحظى به من جانب المؤسسة العسكرية ومكانته الوطنية، قد يتمكن جوزيف عون من لعب دور أساسي في إعادة تحديد المسار السياسي للبلاد. لكن نجاحه يعتمد على قدرته على خلق توافق سياسي والاهتمام بالدور الحقيقي والوظيفة التي تلعبها المجموعات السياسية والدينية اللبنانية في ترسيخ الاستقرار في البلاد.
نورنيوز