نورنيوز - الحرب المدمرة التي يشنّها الكيان الصهيوني على غزة، والتي بدأت في أكتوبر 2023، لم تكن لها آثار مدمرة على حياة الشعب الفلسطيني فحسب، بل تركت أيضا عواقب اقتصادية واجتماعية خطيرة على سكان المناطق المحتلة المناطق. وتعتبر هذه الحرب التي يسعى بنيامين نتنياهو إلى استمرارها، من أكثر الحروب تكلفة في تاريخ الكيان الصهيوني، فقد واجه الاقتصاد الداخلي لهذا الكيان أزمة عميقة وتسببت في ارتفاع غير مسبوق في تكاليف المعيشة والاقتصادية وانعدام الأمن.
ومن بداية عام 2025، سيشهد المواطنون الذين يعيشون في الأراضي المحتلة ارتفاعًا كبيرًا في الأسعار في مختلف مجالات الحياة اليومية. وشهدت المياه والكهرباء والوقود والنقل العام والسلع الأساسية والضرائب نموا حادا. وارتفعت ضريبة القيمة المضافة إلى 18 بالمئة، مما كان له تأثير واسع على الإنفاق الاستهلاكي، من الغذاء والوقود إلى الإسكان والسيارات. كما ارتفعت أسعار الكهرباء بنسبة 3%، والمياه بنسبة 2%، وضريبة الإسكان أو "الأرنونا" بنسبة 13.5%، وهو أعلى نمو منذ 17 عاماً.
*من الأزمة الاقتصادية إلى الهجرة العكسية
وقد شكلت هذه الزيادة في التكاليف، إلى جانب انخفاض الدخل بسبب السياسات الضريبية وفرص العمل، ضغوطاً اقتصادية شديدة على المواطنين، ويتعيّن على العديد من عائلات الطبقة المتوسطة، التي كانت القوة الدافعة للاقتصاد الصهيوني في الماضي، أن تدفع الآن آلاف الشواقل الإضافية سنويا، وقد أدت هذه الضغوط الاقتصادية، إلى جانب انخفاض الأمن وزيادة المخاوف الاجتماعية، إلى إثارة موجة من الهجرة العكسية.
ووفقا للتقارير الأخيرة، يسعى عدد متزايد من سكان الأراضي المحتلة إلى الهجرة إلى بلدان أخرى. وقد شجع فقدان فرص العمل والركود الاقتصادي وانعدام الأمن الاجتماعي الناجم عن الحرب، وخاصة في المناطق القريبة من غزة، المواطنين على مغادرة الأراضي المحتلة. ولا يؤدي هذا الاتجاه إلى تفاقم الضغوط الاقتصادية فحسب، بل يؤثر أيضًا على البنية الديمغرافية والاجتماعية للكيان الصهيوني.
*تكاليف الحرب الباهظة
وأدت الحرب في غزة إلى مقتل وجرح أكثر من 154 ألف فلسطيني، معظمهم من الأطفال والنساء. كما أن أكثر من 11 ألف شخص في عداد المفقودين. وقد أدت الظروف الإنسانية المؤسفة في غزة، إلى جانب الحصار المستمر منذ 18 عاماً والنقص الحاد في الغذاء والدواء، إلى وفاة مئات آخرين.
كما جلبت هذه الحرب تكاليف باهظة للنظام الإسرائيلي. إن تمويل الأعمال العسكرية وإعادة إعمار البنية التحتية المتضررة، إلى جانب زيادة تكاليف معيشة المواطنين، قد شكل ضغطًا على خزانة النظام الصهيوني. واجهت العديد من العائلات تحديات خطيرة في إدارة حياتها اليومية بسبب مزيج من النفقات الباهظة وانخفاض الفرص الاقتصادية.
*رؤية غامضة في الأراضي المحتلة
إن استمرار الحرب وتفاقم الأزمة الاقتصادية يمكن أن يكون لهما عواقب طويلة المدى على الكيان الصهيوني، وتشكل الهجرة العكسية، وانخفاض رأس المال البشري، وزيادة السخط الاجتماعي تهديدات خطيرة لاستقرار هذا النظام. من ناحية أخرى، فإن الإدانات الدولية ومذكرتي الاعتقال الصادرتين عن المحكمة الجنائية الدولية بحق بنيامين نتنياهو ويوآف غالانت، وضعت النظام الصهيوني تحت مزيد من الضغوط على الساحة العالمية.
وبالنظر إلى هذه الظروف، يبدو أن الكيان الصهيوني يواجه تحديات خطيرة ليس فقط في مواجهة المقاومة الفلسطينية، بل أيضاً في إدارة أزماته الداخلية. إن استمرار هذه العملية يمكن أن يؤدي إلى انخفاض الشرعية والتماسك الداخلي لهذا الكيان ويجعل آفاقه المستقبلية أكثر غموضا.
نورنيوز/وكالات