معرف الأخبار : 206218
تاريخ الإفراج : 12/30/2024 5:28:46 PM
الدبلوماسية في ظل الحرب: هل يكتسب حكام سوريا الجدد الشرعية الدولية؟

الدبلوماسية في ظل الحرب: هل يكتسب حكام سوريا الجدد الشرعية الدولية؟

شرع حكام سوريا الجدد نشاطهم بالتركيز على المجالات الثلاثة: الأمن والشرعية والاقتصاد، وبالاعتماد على دعم بعض الأطراف الإقليمية، يحاولون تثبيت موقعهم في المنطقة والساحة الدولية من خلال إرساء الأمن وتنفيذ الإصلاحات الاقتصادية.

نور نيوز- منذ أقل من شهر، تعيش حكومة بشار الأسد عملية مشكوك فيها لا تزال أبعاد وأدوار ومهام اللاعبين الإقليميين وغير الإقليميين غير واضحة المعالم فيها، خصوصاً بعد وصول المسلحين التابعين لهيئة تحرير الشام الى دمشق، لينتهي النزاع بين المسلحين والرئيس السابق بشار الأسد، برحيل الأسد برفقة عائلته إلى روسيا، ليستقر بعد ذلك في العاصمة موسكو.

التحدي الأكبر الذي واجهه الحكام الجدد منذ بداية التأسيس هو توفير الأمن، فالدولة التي تعيش حربا أهلية منذ سنوات وتنشط فيها عشرات الجماعات المسلحة، لا تستطيع من دون أمن المضي قدما، خصوصا في مجال إحداث التغيرات السياسية والإصلاحات الاقتصادية، فخلال الأسابيع الثلاثة الماضية، وعلى الرغم من المخاوف بشأن الوضع الأمني ​​بعد سقوط الحكومة السورية، إلا أن الوضع الأمني ​​كان جيداً نسبياً. وساد الهدوء النسبي في المناطق التي شهدت أعمال شغب واسعة النطاق من قبل، وعلى الرغم من وجود احتجاجات متفرقة في بعض المناطق العلوية، إلا أن هذه الاضطرابات آخذة في التراجع ولم تؤدي إلى أزمة واسعة النطاق حتى الآن.

وكانت النقطة المهمة في خلق الأمن النسبي في سوريا هي مشاركة ودعم بعض الدول الداعمة للحكام الجدد في السيطرة على الوضع ومنع انتشار الفوضى، حتى مع الأسلحة المتناثرة والمجموعات المسلحة، وهذا يدل على تركيز الحكام الجدد ومؤيديهم على خلق التماسك وإدارة الأزمات الأمنية.

*الدبلوماسية وإضفاء الشرعية

رغم أن هيئة تحرير الشام وزعيمها أحمد الشرع (الجولاني) لا يزالان على قائمة الإرهاب للأمم المتحدة والعديد من الدول الغربية ومنطقة غرب آسيا، إلا أن جهود الحكام الجدد لإعادة تحسين صورتهم داخل سوريا وخارجها كانت ناجحة نسبيا، أحمد الشرع (الجولاني)، زعيم هيئة تحرير الشام، باتباعه نهجاً جديداً، نأى بنفسه عن الأدب الثوري والقتال، واقترب من لهجة الحكومة، حيث يُستخدم هذا النهج في البداية لتقليل المخاوف وكسب ثقة الجمهور.

وفي داخل سوريا، اعتبرت تدابير مثل إلغاء الخدمة العسكرية الإجبارية والانسحاب من تطبيق أحكام الشريعة، بما في ذلك الحجاب، بمثابة إشارات على تغيير في السياسات الاجتماعية، وقد تم القيام بهذه الإجراءات بهدف حل اهتمامات فئات مختلفة من المجتمع وخلق السلام النسبي.

وعلى الساحة الدولية، حاولت هيئة تحرير تحرير الشام، بدعم رعاتها من خلف الكواليس، جذب رأي الدول الإقليمية والعالمية بدبلوماسية نشطة، إذ إن وجود وفود دبلوماسية من الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي ودول عربية مثل السعودية والأردن وحتى الأمم المتحدة في دمشق يدل على جديتهم لتجاوز الظروف السابقة ومحاولة الاعتراف بهم. لقد تركزت السياسة الخارجية لحكام سوريا الجدد على محورين أساسيين، أولاً، كسب ثقة الدول العربية، وخاصة تلك التي تشعر بالقلق من وصول الإسلاميين إلى السلطة، وثانياً، طمأنة الغرب، خاصة فيما يتعلق بالكيان الصهيوني.

وعبر إرسال رسائل واضحة لا لبس فيها إلى الكيان الصهيوني وغض الطرف عن العدوان العسكري المتكرر واحتلال اراض سورية شاسعة، أعلن الحكام الجدد رسميًا أنهم لا يسعون إلى الإنخراط في الصراع مع هذا الكيان. ويبدو أنهم يعتقدون أن السياسة المناهضة لإسرائيل يمكن أن تجعل سوريا عرضة لردود الفعل القوية من الغرب، وتخرجها من أولوياتهم الأساسية، وهي الاقتصاد والأمن والتعاون مع دول المنطقة والغرب.

*إجراءات اقتصادية عاجلة

كما قام حكام سوريا الجدد بإجراء إصلاحات في مجال الاقتصاد، وكانت نتائجها الأولية واعدة إلى حد ما. وتشير الزيادة في قيمة الليرة السورية والانخفاض النسبي في أسعار السلع الأساسية إلى النجاح الأولي لهذه الإصلاحات. ومن خلال إلغاء نظام توزيع الحصص من الخبز والوقود وتخفيض التعريفة الجمركية على بعض السلع، فقد أرسلوا إشارات بالتوجه نحو الاقتصاد الحر.

كما أن زيادة رواتب الموظفين بمقدار 3 إلى 4 أضعاف وإزالة النظام الفاسد المتمثل في توفير الائتمان بالعملة للسلع الأساسية كانت من القرارات الاقتصادية المهمة الأخرى.

وبطبيعة الحال، في هذا المجال، ترجع معظم النتائج التي تم الحصول عليها إلى الدعم المباشر وغير المباشر من الداعمين الإقليميين، ولكن على أي حال، كان لبعض الانفتاحات الاقتصادية التي تم إنشاؤها تأثير على الأشخاص الذين كانوا يواجهون قيودًا شديدة على سبل العيش لسنوات.

 وفي مجال البنية التحتية، بدأت إعادة إعمار شبكة الكهرباء بمساعدة تركيا، ومن المتوقع أن ترتفع خلال الشهر المقبل ساعات الوصول إلى الكهرباء إلى عشر ساعات يومياً في العديد من المناطق.

*التحديات المقبلة

على الرغم من بعض الانفتاحات الأولية، يواجه حكام سوريا الجدد تحديات عميقة.

إن العمليات السياسية لتحديد النظام الحكومي الجديد لم تبدأ بعد، ومن الطبيعي أن يؤدي نوع السلطة الذي سيشهده الأفراد والجماعات في الهيكل الحكومي الجديد إلى نشوء خلافات وصراعات، إذ إن سنوات الحرب والعقوبات الواسعة النطاق هي مشكلة كبيرة أخرى يواجهها الحكام الجدد، ومن أجل الحفاظ على الاستقرار الاقتصادي ومنع الأزمات الاجتماعية، يتعين عليهم أن يقدموا بسرعة حلولاً أكثر استدامة.

ومن ناحية أخرى، لا يزال الوضع الأمني ​​الهش في سوريا والتنوع العرقي والديني يشكلان تهديداً خطيراً للحكام الجدد، إن إدارة التوترات الداخلية، وخاصة في مناطق الأقليات، تتطلب سياسات شاملة وخططاً طويلة الأمد.

وعلى المستوى الدولي، ورغم نجاحهم في كسب ثقة بعض الدول، إلا أن بعض أجزاء المجتمع الدولي لا تزال تشك في شرعيتهم. كما أن أي تغيير مفاجئ في السياسة الخارجية أو ضغط من دول المنطقة يمكن أن يجعل هذه العملية صعبة.

 

 


نورنيوز
تعليقات

الاسم

البريد الالكتروني

تعليقك