معرف الأخبار : 188482
تاريخ الإفراج : 9/14/2024 1:37:03 PM
طهران في عهد بزشكيان.. ما هي آفاق التعاون بين ايران والعراق؟

طهران في عهد بزشكيان.. ما هي آفاق التعاون بين ايران والعراق؟

الجار الغربي لإيران لديه أطول حدود مائية وبرية معها، ناهيك عن آلاف السنين من القواسم المشتركة التاريخية والدينية والثقافية والعديد من الفرص الاقتصادية والاستثمارية، لهذا كان العراق أول محطّة خارجية للرئيس الإيراني الجديد، لإتخاذ خطوات نحو تعزيز وتقوية العلاقات.

نورنيوز- غادر رئيس الجمهورية صباح الأربعاء المنصرم، متوجها إلى العاصمة العراقية بغداد، في أول جولة خارجية له. وجاءت الزيارة بدعوة رسمية من محمد شياع السوداني رئيس وزراء العراق.

 ورافق الرئيس بزشكيان في هذه الجولة وفود سياسية واقتصادية رفيعة المستوى. وإلتقى برئيس الوزراء والرئيس ورؤساء البرلمان والأحزاب والجهاز القضائي في هذا البلد ووقّع 14 وثيقة تعاون مشترك. كما أجرى زيارةً الى إقليم كردستان العراق.

ولكن لماذا اختار الرئيس بزشكيان بغداد كوجهة أولى لجولاته الخارجية، في الوضع الحالي، يدل من ناحية على أهمية الجار الغربي لإيران، ومن ناحية أخرى، ينبئ بوجود فرص وكذلك تحديات في العلاقات بين البلدين؟.

*لماذا العراق مهم؟

إن التواجد في منطقة غرب آسيا ووجود آلاف الكيلومترات من الحدود البحرية والبرية مع 15 دولة مجاورة يجعل من الضروري متابعة تمتين العلاقات مع هذه الدول الجارة وتطوير وتعزيز التعاون معها كل على حداً حاجة ضرورية.

وهذا أمر مهم بشكل خاص بالنسبة للجار الغربي للبلاد، جمهورية العراق، التي لها حدود مشتركة بطول 1400 كيلومتر وعدد لا يحصى من القواسم المشتركة الدينية والثقافية. ويتمتع العراق بعلاقات قوية مع إيران منذ قرون رغم كل التقلبات. وزيارة بزشكيان لهذا البلد هي إعادة تأكيد على تعزيز هذه العلاقات قدر الإمكان. وعلى الرغم من كل التدخلات الخارجية، يمكن لطهران وبغداد أن تلعبا دورًا مهمًا في ضمان الأمن الإقليمي والتنمية السياسية والاقتصادية لبعضهما البعض. ويمكن تقييم زيارة مسعود بزشكيان للعراق على هذا المنوال.

 وبالطبع تجدر الإشارة إلى أن العلاقة بين إيران والعراق تشهد تواتراً وتحديات وفرصاً كثيرة، مثل كل العلاقات الثنائية بين الدول. ولكن لو أمعنا النظر في كل هذه التطورات يمكننا حينها التأكد من إمكانية شقّ الطريق أمام الفرص المستقبلية. ومن ناحية أخرى، فإن زيارة الرئيس الإيراني الجديد إلى دولة مجاورة، بعد كل التحليلات، تحمل رسالة مفادها أن طهران لا تزال تعتبر سياسة حسن الجوار وتوسيع العلاقات مع جيرانها إحدى أولوياتها الاستراتيجية ولديها فرص كبيرة.

*تحديات العلاقات بين طهران وبغداد

وعلى الرغم من العلاقات الجيدة بين إيران والعراق، فإن دراسة التحديات المقبلة والتعاون الجاد والتفاعل لحلها يمكن أن يكون الأساس لمزيد من تطوير العلاقات بين البلدين، وأهم هذه التحديات هي:

أ) يعدّ العراق الوجهة الرئيسية والشريك التجاري للعديد من رجال الأعمال والشركات الحكومية الإيرانية منذ سنوات طويلة، وحجم التبادلات والتفاعلات الاقتصادية بين البلدين، بحسب الخبراء والمتخصصين في ايران يمكن أن يصل إلى 20 مليار دولار بحلول عام 2028.

 ووفقا له، حقق العراق أعلى نمو اقتصادي في المنطقة في عامي 2022 و2023، وبالنظر إلى أن 10 مليارات دولار من صادرات إيران السنوية إلى العراق مرتبطة بسلع القيمة المضافة، يمكن القول إن العراق هو الشريك التجاري الأول لإيران. الأرقام المهمة المذكورة يمكن أن تؤدي إلى استقرار وتطوير الاقتصاد على جانبي الحدود، لكنها تواجه بعض المشاكل القابلة للحل، وكلها ناشئة عن العقوبات الأمريكية غير القانونية ضد إيران.

واليوم وفقاً لـ "عقيل موسوي"، نائب رئيس غرفة التجارة العراقية، فإن نحو 11 مليار دولار من أصول إيران لا تزال مجمدة وغير صالحة للاستعمال في بنوك البلاد، وأصبحت من أهم الأصول الاقتصادية والتحديات التي تواجه البلدين. الأموال التي كانت نتيجة تصدير البضائع وتزويد العراق بالكهرباء والغاز من قبل إيران، وبسبب العقوبات الأمريكية على إيران فإن إمكانية إعادتها ضئيل جداً.

ب) إن وجود حدود مائية وبرية طويلة بين البلدين يزيد من أهمية حركة المرور والتواصل عبر الطرق الحدودية يوماً بعد يوم. ولهذا السبب، يمكن اعتبار مسألة خطوط العبور، وخاصة خط الاتصال المعروف باسم السلام، من القضايا الصعبة بين البلدين، ومن المفترض أن يربط خط السلام تركيا بالخليج الفارس عبر العراق. ويفسر بعض الخبراء غياب إيران عن خط الاتصال هذا على أنه وسيلة لتجاوز طهران. وتكتسب هذه القضية أهمية عندما نعلم أن مشروع السكك الحديدية بين إيران والعراق يتقدم ببطء.

مشروع سيتم من خلاله ربط السكك الحديدية الإيرانية بجنوب العراق وعبر سنندج وكرمنشاه إلى إقليم كردستان العراق.

ج) ومن التحديات الاخرى التي يواجهها البلدان الجاران هي : بعض التوسع السلبي في مجال المياه وإنشاء السدود على طول نهري دجلة والفرات وما نتج عن ذلك من تغيرات بيئية خاصة، واختلاف وجهات النظر حول حقول الغاز المشتركة وكيفية استغلالها. ومسألة تجريف اروندرود من القضايا المتنازع عليها بين البلدين والتي ينبغي دراستها من قبل خبراء في وثائق المنبع والمذكرات الموقعة من أجل إيجاد حل مقبول لها.

ر) الأمن على حدود إيران، باعتباره أهم خط أحمر للجمهورية الإسلامية، على الرغم من أنه كان يعتبر دائما مهمًا ويحترمه الجار الغربي، إلا أن وجود قوات من خارج المنطقة وجماعات إرهابية في هذا البلد يعد أمرا مهما. عامل غير آمن يمكن أن يؤثر على العلاقات بين البلدين تحت تأثير العراق، ووفقاً لهذه الشروط، تتوقع إيران تعاوناً أكبر من بغداد على صعيد التنفيذ الصارم للاتفاقية الأمنية بين البلدين.

وفي ترتيب أولويات القضايا التي تواجه البلدين، فإن مسألة العلاقات الاقتصادية والأمن هي الأولوية الأولى، وبالتالي فإن الحلول لتعزيز التعاون بين البلدين يمكن أن تكون السبيل لتطوير العلاقات، كما أنه من الضروري تنظيم قضية الأموال الإيرانية المُجمّدة في البنوك العراقية من خلال فتح اعتماد خطاب من الحكومة واستخدامه في استيراد البضائع العراقية، ويبدو أن السفارة الإيرانية في العراق حددت لنفسها خلال زيارة بزشكيان مهمة خاصة تتمثل في تقديم الدعم الأكبر لرجال الأعمال الإيرانيين.

إن التأكيد على متابعة وإكمال خطوط عبور جديدة عبر العراق، مثل مشروع السكك الحديدية الضخم بين إيران والعراق وسوريا، مهد الطريق للوصول إلى مياه البحر الأبيض المتوسط ​​لهذا البلد ولبلدان مثل الصين والهند، وللوصول إلى مياه البحر الأبيض المتوسط ما يفضي الى تجنب مخاطر طرق العبور إلى حد كبير.

وتحتاج طهران وبغداد إلى أكبر قدر من التعاون واليقظة لتحقيق الاستقرار والأمن داخل حدودهما، ويمكن تقييم توقيع مذكرة أمنية بين العاصمتين في هذا السياق. يجب أن يطمئن جار إيران الغربي على أمنه، وفي ظل ذلك، يجب أن يكون قادر على توسيع العلاقات الثنائية. والحقيقة أن الجمهورية الإسلامية الإيرانية أنفقت الكثير من الأموال لتأمين حدودها مع العراق وحتى داخل العراق خلال العقد الماضي، وعلى هذا الأساس، ينبغي على بغداد أن تعطي إيران الضمانات اللازمة في التعامل مع الجماعات الإرهابية والتمهيد لاخراج القوات الأمريكية من هذا البلد. ومن ناحية أخرى، ضاعفت حرب غزة ومغامرات العدو الصهيوني الطائشة الأخيرة الحاجة إلى التضافر بين البلدين لتوفير الأمن في المنطقة دون وجود وتدخل قوى من خارج المنطقة. ومما لا شك فيه أن التعاون بين طهران وبغداد في هذا المجال الاستراتيجي والأمني ​​يمكن أن يوفر أرضيات مناسبة للتطوير المتزايد للعلاقات بين البلدين في مجالات أخرى، ويفتح أمامهما منظوراً وأفقاً واضحين وواسعين في كافة المجالات.


نورنيوز
تعليقات

الاسم

البريد الالكتروني

تعليقك