معرف الأخبار : 169801
تاريخ الإفراج : 4/9/2024 1:02:46 PM
"نور نيوز" يستقصي مآلات العدوان على القطاع.. الأول من أبريل؛ نقطة تحول في تاريخ حرب غزة

"نور نيوز" يستقصي مآلات العدوان على القطاع.. الأول من أبريل؛ نقطة تحول في تاريخ حرب غزة

لقد اجتاح صمت مطبق الجهاز العصبي للكيان الصهيوني. الصمت الذي يبدو أكثر ثقلاً من الصواريخ التي تسقط على القبة الحديدية، ومن صيحات الإسرائيليين الغاضبين ضد بنيامين نتنياهو، ومن أصوات حلفاء تل أبيب الغاضبين. ووسط هذا الصمت الثقيل، لا يمكن سماع سوى صوت قنبلة موقوتة. قنبلة لا أحد يعلم متى وضعت، لكن الجميع يعلم أنها ستنفجر.

نورنيوز- قبل أسبوع، انتهكت تل أبيب في صراع حرب غزة كافة المعايير القانونية المتعلقة بحصانة الأماكن الدبلوماسية بهجوم صاروخي على مبنى القنصلية الإيرانية في دمشق، وبعد ستة أشهر من 7 أكتوبر، تاريخ جديد ولد كنقطة تحول في معركة غزة الدامية؛ وعلى وجه التحديد الأول من أبريل.

*انسحاب الأصوات الأوروبية

إن حلفاء ومؤيدي الكيان الصهيوني الأميركيين والأوروبيين، بعد أن أدركوا ما حدث على أرض المعركة، غيروا لهجتهم وسلوكهم في المجالين الرسمي والإعلامي تجاه الكيان الإسرائيلي والحرب المستمرة منذ الأسبوع الماضي. لكن لأسباب سياسية يسمون تغيير موقفهم حدثا آخر. أي هجوم الجيش الصهيوني على سيارة تحمل سبعة من عمال الإغاثة التابعين لـ "المطبخ المركزي العالمي".

الصورة: قصف طيران النظام الإسرائيلي على قافلة المساعدات التابعة لـ "المطبخ العالمي المركزي"

وفي هذا الحدث، هاجمت تل أبيب قافلة الإغاثة التابعة لهذه المنظمة غير الحكومية، والتي كانت تنوي تقديم المساعدات لشعب غزة، وقتلت سبعة مواطنين بريطانيين وأستراليين وبولنديين وكنديين أمريكيين وفلسطينيين، وفي نفس اليوم هاجم الكيان الصهيوني مبنى القنصلية، وتعرضت هذا المبنى الدبلوماسي الإيراني في دمشق لعدوان.

إن تزامن هذين الحدثين دفع الأوروبيين لتجنب الكيان الصهيوني والابتعاد عنه بشكل هادف، بحيث يفصلون طرقهم، على ما يبدو احتجاجا على مقتل مواطنيهم، ولكن في الواقع، من أجل تجنب عواقب الجنون العدواني في تل أبيب؛ وحتى ألمانيا، التي تعد بعد أميركا المورد الرئيسي للأسلحة العسكرية للكيان الإسرائيلي، إكتفت تلك الدول بمخاطبة تل أبيب بلهجة احتجاج.

الصورة: مسيرة في شوارع بريطانيا ومطالبة بوقف إرسال الأسلحة إلى الأراضي المحتلة

وتماشياً مع الرأي العام العالمي، أثارت أوروبا، وخاصة بريطانيا، بعض المواقف التي توعدت بوقف أو تقليص بيع الأسلحة للكيان الصهيوني، وبحسب التقارير، أجرى الرئيس الأمريكي جو بايدن مكالمة هاتفية متوترة مع بنيامين نتنياهو، رئيس وزراء الكيان الصهيوني.

هذا الحجم من ردود الفعل على مقتل سبعة من عمال الإغاثة التابعين لمنظمة غير حكومية حدث في وضع قُتل فيه ما لا يقل عن 176 من موظفي الأمم المتحدة في غزة في الأشهر الستة الماضية، وتم الهجوم على مئات مباني الإغاثة التابعة لهذه المنظمة.

وبحسب مراقبين دوليين فإن الهجوم على المبنى الدبلوماسي الإيراني في دمشق واستشهاد قادة رفيعين في الحرس الثوري الإيراني يؤكد أن تل أبيب تلعب بالنار، وحلفاء الكيان الصهيوني لا يريدون أن يحترقوا بهذه النار!

ولا يتمتع بنيامين نتنياهو وحكومته الحربية بوضع جيد في الأراضي المحتلة أيضاً؛ وقبل ثلاثة أيام، خرج عشرات الآلاف من سكان الأراضي المحتلة إلى شوارع تل أبيب وهتفوا بشعارات احتجاجية تطالب باستقالة نتنياهو، والاتفاق مع حماس على إطلاق سراح السجناء الإسرائيليين، وإجراء انتخابات مبكرة.

الصورة: عشرات الآلاف من الإسرائيليين يحتجون في تل أبيب مطالبين بالإطاحة بنتنياهو والاتفاق مع حماس

وتتفق عدة تقارير نشرت في الأيام القليلة الماضية في أميركا وأوروبا والمناطق المحتلة على فرضية أن «بيبي الساحر» (نتنياهو) يتعمد إطالة أمد الحرب لإنقاذ نفسه سياسياً. نتنياهو الذي كان محل احتجاج وانتقادات قبل "طوفان الأقصى"، هو المتهم الأول بعد العملية غير المسبوقة التي قامت بها حماس، لأسباب منها المفاجأة الاستخباراتية والأمنية. إلا أنه في بداية العدوان على غزة، أجّل أي رد إلى اليوم التالي للحرب، والآن يتهمه مواطنوه بالتضحية بحياة الأسرى الإسرائيليين، وأمن الأراضي المحتلة، والأمل في تطبيع العلاقات مع دول المنطقة.

كما أن نتنياهو متهم بالمبالغة في إضعاف حماس، وبعد ستة أشهر لم يحقق الهدف المتخبط لإعلانه، أي إطلاق سراح الأسرى وتدمير حركة المقاومة الفلسطينية. والمثير في الأمر أن مجلس الوزراء الحربي والجيش الصهيوني لم يتمكنا من العثور ولو على واحد من الأسرى خلال الأشهر الستة الماضية! وبناء على ذلك، ترى العديد من الأوساط السياسية والرسمية الإقليمية والعالمية أن نتنياهو يحتاج إلى حرب أكبر من أجل بقائه لإسكات مواطنيه وإعادة حلفائه إلى الواجهة. إن الهجوم على مبنى القنصلية بالسفارة الإيرانية لا يأتي إلاّ في هذا السياق أيضاً.

الصورة: نتنياهو متهم بمواصلة الحرب وتوسيع دائرة الصراع لإنقاذ نفسه سياسيا

النقطة المهملة هي أنه رغم الدور الجدي والسلبي الذي لعبه نتنياهو في الأشهر الستة الماضية، إلا أنه ليس سوى غيض من فيض، فالمساعدات المالية والعسكرية والسياسية والإعلامية والدبلوماسية من أمريكا وأوروبا ما تزال تُغدق جيشه، والآن ومن المستحيل أن نلقي عليه كل المسؤوليات، بل على من يدعمه أيضاً.

*العصا في رفح والجزرة في القاهرة

وأعلن بنيامين نتنياهو، مساء أمس، أن الهجوم على رفح مؤكد وتم تحديد وقته، لكن لم يتم الإعلان عنه. ورفح هي أقصى نقطة في جنوب قطاع غزة وتقع على الحدود مع مصر، حيث لجأ إليها ما لا يقل عن مليون وخمسمائة ألف نسمة من سكان هذا القطاع الساحلي.

الصورة: مليون و500 ألف نازح في رفح يتعرضون لخطر المذبحة بالقصف والمجاعة.

إن الهجوم الضخم على هذه النقطة ليس له سوى ثلاث نتائج أخرى؛ إما نقل وتهجير المواطنين الفلسطينيين إلى صحراء سيناء في مصر، أو حدوث مجزرة غير مسبوقة في العالم، أو فرض اتفاق لصالح الكيان الإسرائيلي على المفاوضين في القاهرة. خلاصة السيناريوهات الثلاثة هي استراتيجية "الأرض المحروقة" التي ينتهجها نتنياهو. ويعني محو القضية الفلسطينية وتحويل غزة إلى خراب غير صالح للسكن وغير مأهول. على الورق، ستنجح هذه الاستراتيجية بالتأكيد، لكن الخطأ الأكبر الذي ارتكبه الكيان الإسرائيلي هو أنه أخطأ في تقدير جغرافية الصراع.

استراتيجية "الأرض المحروقة" القديمة هي استراتيجية عسكرية كلاسيكية يتم فيها تدمير الأرض والموارد والبنية التحتية وحتى المواطنين في منطقة ما على جانب الصراع بحيث يضعف الطرف الآخر وتنتهي الحرب بالنصر. إلا أن محاولة الكيان الصهيوني تنفيذ هذه السياسة واجهت وحدة ساحات جبهة المقاومة في مختلف أنحاء المنطقة؛ نفس التحالف الذي حاولت أمريكا قبل ثلاث سنوات تمزيقه عبر اغتيال الشهيد الحاج قاسم سليماني، والآن بعد الإجراءات المكلفة التي اتخذتها، تواجه الواقع الذي لا يمكن إنكاره في المنطقة، وهو تعرضها لضربات موجعة من قبل أطراف المقاومة في المنطقة.

 


نورنيوز
الكلمات الدالة
القطاعنور نیوزحرب غزة
تعليقات

الاسم

البريد الالكتروني

تعليقك