نور نيوز- بعد وقت قصير من وصول سفير إيران الجديد علي رضا عنايتي إلى الرياض، وصل عبدالله بن سعود العنزي سفير السعودية الجديد لدى ايران إلى طهران وقال لدى وصوله: الرؤية السعودية لعام 2030 والتي أعدها ولي العهد "محمد بن سلمان" كخارطة طريق للسعودية يمكن أن تكون بمثابة خارطة طريق لتعزيز التعاون والأهداف الاستراتيجية بين ايران والسعودية.
وأضاف العنزي: أوامر قادة بلادنا تؤكد على أهمية تعزيز العلاقات بين المملكة العربية السعودية والجمهورية الاسلامية الايرانية، ونأمل أن نتمكن من الارتقاء بهذه العلاقات إلى آفاق أكثر إشراقاً حتى يتمكنوا من المضي قدماً مع بعضهم البعض بما يحقق مصالح البلدين الصديقين والشقيقين.
وقال هذا الدبلوماسي السعودي الكبير أيضاً: إن السعودية وإيران دولتان جارتان تتمتعان بمكونات اقتصادية وموارد طبيعية ومزايا عديدة تساعد على تعزيز جوانب التنمية والازدهار والاستقرار والأمن في المنطقة بما يعود بالنفع على دولتين شقيقتين.
في هذا السياق، تكشف مراجعة سجل أنشطة بن سلمان في السنوات الأخيرة في إطار وثيقة رؤية 2030، التي تم الإعلان عنها عام 2016 كخارطة طريق تنموية للبلاد، خططا لتقليل اعتماد الرياض على النفط وتنويع الاقتصاد السعودي وتطوير قطاعات الخدمات.
وكانت نقطة الدعم الأولية لابن سلمان في هذا الاتجاه هي الاستثمار والدعم الفني والأمني من الغرب، لكن تورط المملكة العربية السعودية في الأزمات الأمنية الإقليمية وفجوات الإنفاق العميقة، بما في ذلك حرب اليمن، جعل ولي العهد السعودي يغير مساره.
بتعبير أدقّ؛ لم يكتف الغرب بعدم توفير الأمن المطلوب لتحقيق وثيقة الرؤية هذه للرياض، بل خلق العديد من الأزمات والتحديات الأمنية التي فرضت تكاليف باهظة على السعودية.
فضلاً عن ذلك؛ لقد كشف انسحاب أمريكا المخزي من أفغانستان ثم تطورات الحرب في أوكرانيا عن عدم موثوقية الغرب أمام العديد من حلفائه، بما في ذلك المملكة العربية السعودية، مما دفعهم إلى استنتاج مهم مفاده أن العلاقات الأحادية مع الغرب لا تلبي احتياجاتهم ولا تساعد في حلّ مشاكلهم.
وفقاً لذلك؛ ورغم أن السعودية حافظت على تفاعلاتها مع الغرب، إلا أنها تبحث عن أبعاد جديدة للدبلوماسية الإقليمية والعالمية بمنظور متعدد الأطراف، وهو ما ينعكس في زيادة التوجه نحو الصين وروسيا وتغير النهج تجاه إيران.
على الرغم من أن وسائل الإعلام المعادية لايران كافحت كثيرًا في الأشهر الأخيرة للتقليل من التركيز على إحياء العلاقات الإيرانية السعودية، إلا أن الحقيقة هي أن التركيز على دور إيران في رؤية السعودية للعام 2030 يعبر عن عدة نقاط أساسية:
أولاً: باعتبار أن رؤية 2030 هي وثيقة استراتيجية وليست مؤقتة، ونظراً لأنها تولي أهمية بدور إيران في تحقيق هذه الرؤية كلاعب رئيسي في المنطقة، فإنها تعبر عن وجهة نظر الرياض الاستراتيجية بشأن العلاقات مع إيران والإمكانات العديدة التي ستتحقق في تطوير العلاقات بين البلدين، كما قال بن سلمان أيضاً في وقت سابق، حيث أكد الأخير رسمياً على الطبيعة الإستراتيجية لهذه العلاقات لدى لقائه مع وزير الخارجية الايراني حسين أميرعبد اللهيان.
ثانياً: إن أي نشاط اقتصادي، وخاصة في مجال البنية التحتية، يتطلب عنصراً مهماً يسمى "الأمن". على الجانب الآخر؛ لقد حاول الغرب دائمًا منع استقرار الأمن في غرب آسيا وتمتع المنطقة بقدرات وموارد مشتركة من خلال طرح قضايا كاذبة ومنحرفة مثل الشيعة والسنة، والعرب والعجم، وغيرها من المخاتلات المُصطنعة لتأجيج الصراع في المنطقة، والتي كانت إحدى أبرز الأجندة الغربية في غرب آسيا، في حين أن تحقيق الأهداف التنموية لدول المنطقة يستدعي جهداً لخلق الاستقرار ومواجهة الفتن والانقسامات التي يروّج لها الغرب.
ثالثاً: إن إدراج علاقات الرياض مع طهران في الوثيقة الاستراتيجية السعودية، من جهة، يعبر عن الاعتراف بدور إيران ومكانتها في النظام المستقبلي، مما يضعها في مصاف الدول الكبرى مثل أعضاء البريكس (الصين، روسيا، الهند وجنوب أفريقيا والبرازيل) ومن ناحية أخرى فإنه يظهر أيضا زيف ادعاء الغرب بشأن عزلة إيران وفعالية العقوبات.
رابعاً: عقب التوقيع على اتفاق تطبيع العلاقات في مارس/آذار من العام الماضي، دخلت إيران والسعودية في جولة جديدة من العلاقات الشاملة، أساسها الابتعاد عن المنافسة الجيوسياسية والتوجه نحو التعاون الجيواقتصادي. إن الفرص التي ستتاح للبلدين ومنطقة غرب آسيا عبر هذا الطريق ستوجه القدرات الإقليمية نحو التنمية الاقتصادية مع انخفاض حاد في التكاليف الأمنية، وستعبّد الأرضية لتشكيل تعاون جديد بين قوى غرب آسيا وغيرها من الدول، تبين أن مصالحها تتعارض مع استمرار الانفلات الأمني في المنطقة، الأمر الذي سيعزز الاستقرار والسلام. في المنطقة
نورنيوز