نورنيوز- أعلنت بعض الأوساط الإعلامية الأمريكية، من ضمن صحيفة نيويورك تايمز، الخميس المنصرم أن إيران وأمريكا توصلتا إلى اتفاق يقضي الإفراج عن عدد من الإيرانيين المسجونين لدى الولايات المتحدة، مقابل أن تطلق إيران سراح المحكوم عليهم من مزدوجي الجنسية الإيرانية الأمريكية.
كما تم التأكيد في هذا الخبر، الذي أكدته السلطات الإيرانية والأمريكية بشكل عام، على الإفراج عن 6 مليارات دولار من المصادر الإيرانية المجمدة في كوريا الجنوبية، والتي كانت محظورة بشكل غير قانوني منذ سنوات، وتحويلها إلى قطر ليتم إعادتها الى ايران.
منذ بداية نشر هذا الخبر، حاولت وسائل الإعلام والمسؤولون الأمريكيون تقديم أنفسهم كأبطال خارقين في مجال العمل الإنساني من خلال توجيه اتهامات باطلة لايران بأن المحكومين لديها من المتهمين بالتجسس هم رهائن، وتسليط الضوء على الإفراج عن أصول النقد الأجنبي لايران التي تم حظرها بشكل غير قانوني في كوريا الجنوبية، بشكل تبدو معه ايران كأنها كانت تبتز الأمريكي.
هذا على الرغم من أن الجمهورية الإسلامية الإيرانية بدأت مفاوضات غير مباشرة مع امريكا للإفراج عن سجناء من الجانبين منذ أشهر بناءً على مبدأ إنساني، إلاّ أن واشنطن أقدمت على تهميش المفاوضات مرارا وتكرارا بسلوك سياسي وانتهازي. من الواضح جدا أن الإفراج عن موارد النقد الأجنبي الإيرانية في كوريا الجنوبية ، والذي أعاقته الإجراءات الأحادية وغير القانونية الأمريكية، هو مثال على إحقاق الحقّ وليس الابتزاز.
إذ لا يخفى على أحد أن الطرف الذي يتنمر دائما على حقوق الدول الأخرى لإجبارها على قبول مطالبها غير المشروعة هو أمريكا وليس إيران.
منذ الليلة الماضية، وعبر محاولة قلب عملية الإفراج عن السجناء من الجانبين، يحاول الجانب الأمريكي أن يأخذ في الحسبان فشل هذا البلد في الابتزاز واستخدام هذه القضية كأداة للضغط على إيران والتشدق بأنها إنجاز إنساني..
هذه المزاعم والتظاهرات الحقوقية المزعومة حول تبادل الأسرى تبنتها السلطات الأمريكية بينما تكشف نظرة على العملية التي استمرت عامين للقضية المذكورة حقائق أخرى:
أولاً: لطالما شددت إيران على النهج الإنساني في قضايا رعايا دول أخرى في إيران وكذلك رعايا إيرانيين في دول أخرى. يمكن أيضا تحديد الحالة الأخيرة في إطار هذه السياسة، لكن الغربيين يسعون إلى التقليل من أهمية هذه الحقيقة.
ثانياً: تظهر الوثائق والأدلة أن قضية تبادل الأسرى بين إيران وأمريكا مستمرة منذ عامين وبشكل متواتر.
منذ بداية هذا المسار، أعلنت طهران فصل هذه القضية عن مفاوضات الإتفاق النووي وأكدت أن هذا الإجراء يتم فقط في إطار إنساني وحقوقي. في المقابل، وفي صيف العام الماضي عندما رفع الأمريكيون العقوبات من خلال العمل السياسي تحت طاولة المفاوضات، فجأة وخلافًا لمزاعمهم الأولية بأن القضايا السياسية منفصلة عن قضية تبادل السجناء، عطلوا الاتفاقية التي تم التوصّل إليها والتي كانت قد قرّبت الأطراف من احياء الإتفاق. وذلك ان كان لسبب واحد فقط وهو سعي واشنطن للتركيز على أحداث الخريف المنصرم في ايران أي محاولة تأجيج الأوضاع في الجمهورية الاسلامية الايرانية، ففي ذروة المؤامرة الأخيرة قالوها صراحةً وبكل صلافة إنه لا تفاوض مع إيران، وبأن البيت الأبيض يركّز فقط على قضايا إيران الداخلية!
في شتاء العام المنصرم قال وزير الخارجية حسين امير عبداللهيان في مقابلة مع "إن بي آر" إن "مفاوضات تبادل الأسرى جارية مع أطراف ثالثة تساعد في نقل الرسائل"، لكن في الوقت نفسه زعم الأمريكيون أنه لا توجد مفاوضات مطروحة على الطاولة. وفي العام الجاري، قبلت طهران أيضا مفاوضات غير مباشرة مع الجانب الأمريكي ورحبت بوساطة قطر وعمان، وشددت الدول الوسيطة دائما على نهج إيران التفاعلي وأشادت بطبيعته الإنسانية وأقرت بأن طهران تفصل قضية تبادل الأسرى عن مفاوضات الإتفاق النووي.
يمكن أن نستخلص من هذه الحقائق أنه لا شك أن المفاوضات المذكورة، خلافاً للدعاية الغربية كانت طويلة جداً بسبب النهج السياسي الأمريكي ومحاولة واشنطن زج قضايا لا صلة لها بالتفاوض.
والآن ينبغي اعتبار الاتفاق الذي تم التوصل إليه بشأن تبادل السجناء علامة إيجابية على التغيير في سلوك أمريكا في هذه الحالة.
نورنيوز