نورنيوز- وقّعت تركيا وأوكرانيا وروسيا والأمم المتحدة، بوساطة أنقرة، على اتفاقية "النقل الآمن للحبوب والمواد الغذائية من الموانئ الأوكرانية" في 22 يوليو 2022 في اسطنبول.
وبموجب هذه الاتفاقية، فإن السيطرة على موانئ "أوديسا" و "تشيرنومورسك" و "يوجيني" التي هي مكان تصدير الحبوب هي في أيدي الجانب الأوكراني.
بالإضافة إلى ذلك، لن يُسمح لسفن أخرى غير تلك التي تحمل المنتجات الغذائية والأسمدة بدخول هذه الموانئ.
تزود روسيا وأوكرانيا ما يقرب من ثلث القمح في العالم، في حين أن روسيا هي المصدر الرئيسي للأسمدة الكيماوية وأوكرانيا هي أكبر مصدر في العالم لزيت الذرة وزيت عباد الشمس.
ومددت هذه الاتفاقية عدة مرات، الى أن أعلن الاثنين المنصرم المتحدث باسم الرئاسة الروسية "ديمتري بيسكوف"، إنهاء وعدم تجديد اتفاقية تصدير الحبوب من الموانئ الأوكرانية في البحر الأسود.
وقال بيسكوف خلال مؤتمر صحفي في الكرملين: "إتفاقية تصدير الحبوب الأوكرانية عبر البحر الأسود ينتهي اليوم، وهذه الاتفاقية تنتهي عمليا بالنسبة لروسيا".
وبحسب وكالة "سبوتنيك" للأنباء ، قال بالطبع: "روسيا ستعود إليها فورًا بعد استيفاء مطالبها بموجب اتفاقية تصدير الحبوب".
ويأتي تعليق هذا الاتفاق، في حين أن 783 مليون شخص حول العالم، بحسب الإحصاءات التي قدمتها الأمم المتحدة ، كانوا يواجهون الجوع العام الماضي، والذي زاد بمقدار 122 مليون شخص مقارنة بعام 2019.
بالنظر إلى أن روسيا وأوكرانيا تعتبران أكبر منتجي الحبوب في العالم، فإن تعليق هذه الاتفاقية يمكن أن يكون له عواقب إنسانية كثيرة في جميع أنحاء العالم. في هذا الصدد هناك عدة نقاط مهمة:
أولاً: على الرغم من توقيع الروس على هذه الاتفاقية في إطار المقاربات الإنسانية وإصرارهم على تنفيذها، إلا أن الجزء الثاني من هذه الاتفاقية، وهو تقديم الخدمات للروس، لم يتم تنفيذه ولم يكن الغرب ملتزمًا عمليًا بهذه الاتفاقية.
كان هذا هو الحال عندما قال الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في مكالمة هاتفية مع نظيره الجنوب أفريقي، سيريل رامافوزا أن العقبات التي تعترض الصادرات الروسية على أساس اتفاقية نقل الحبوب في البحر الأسود لا تزال قائمة.
وأكد بوتين أن الالتزامات الموقعة بين روسيا والأمم المتحدة لإزالة العقبات أمام تصدير الأغذية والأسمدة المعدنية الروسية لم يتم الوفاء بها بعد.
كما قال نائب رئيس الوزراء أبرامشينكو: تتكون هذه الصفقة من جزأين، الجزء الأول منهما هو التصدير بدون عوائق لمنتجات كييف الزراعية عبر الموانئ الأوكرانية، ولكن في الجزء الثاني، لا يوجد أي من التزامات الجانب الغربي بربط البنك الزراعي الروسي بنظام سويفت وإزالة جميع الخدمات اللوجستية والقيود على الشحنات الروسية التي لم تكن مؤمنة.
وأضاف هذا المسؤول الروسي: كانت هناك وعود وعملية التفاوض كانت نشطة للغاية، لكنها للأسف لم تسفر عن أي نتائج. لم يفشل الغرب في الوفاء بالتزاماته فيما يتعلق باتفاقية اسطنبول فحسب، بل عبر إرسال أسلحة إلى كييف وتأجيج الحرب، فقد أدى إلى تفاقم أزمة الغذاء في العالم ودفع روسيا عمليًا إلى تعليق اتفاقية اسطنبول.
بعبارة أخرى؛ من خلال عدم الوفاء بالتزاماته بموجب اتفاق اسطنبول ، وكذلك الاستمرار في دعم أوكرانيا بالسلاح ومنع تنفيذ عملية السلام، فقد وضع الغرب تصعيد أزمة الغذاء في العالم نصب عينيه، أزمة ستعرض أرواح مئات الملايين من البشر للخطر.
ثانيةاً: وفقا للأمم المتحدة كانت اتفاقية اسطنبول للحبوب بمثابة إجراء لدعم الدول الفقيرة ومنع وقوع كارثة إنسانية في العالم، لكن الغرب رفض عمليا تنفيذ هذا الالتزام.
حيث أظهرت دراسة أجرتها وكالة البيانات التابعة للأمم المتحدة أن دول الاتحاد الأوروبي كانت المتلقي الرئيسي للمنتجات الزراعية الأوكرانية على أساس إتفاقية الحبوب.
وبحسب هذه البيانات ، فقد تلقى الاتحاد الأوروبي ما مجموعه 12.4 مليون طن من هذه المنتجات أو 38٪ من إجمالي المعروض بموجب عقد الحبوب، في حين أن أفقر الدول بحسب تصنيف الأمم المتحدة تشمل أفغانستان واليمن والصومال والسودان وإثيوبيا، خلال فترة الاتفاقية بأكملها، استلموا 768 ألف
طن من المنتجات الزراعية فحسب، أي ما يعادل اثنين وثلاثة أعشار هذه الاتفاقية.
كما أنه وفقًا لإعلان وزارة الدفاع التركية، فإن الاتفاقية المتعلقة بتصدير الحبوب من الموانئ الأوكرانية أفادت الدول الأوروبية أكثر مما أفادت الدول المحتاجة، وحصلت الدول الأوروبية على 44٪ من الحبوب. والتي يتم تصديرها من خلال اتفاقية الحبوب بين روسيا وأوكرانيا، لكن حصة الدول الأفريقية كانت 14٪ فقط.
على الجانب الآخر؛ قالت رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين بعد خطاب حالة الاتحاد في ستراسبورغ "اليوم ، 30 في المائة من صادرات الحبوب الأوكرانية تذهب إلى البلدان المنخفضة والمتوسطة الدخل في إفريقيا والشرق الأوسط وآسيا".
وفقاً لذلك؛ أخبر بوتين نظيره الجنوب أفريقي أن الغرض الرئيسي من هذه الصفقة، وهو إرسال الحبوب إلى الدول المحتاجة، بما في ذلك الدول الأفريقية لم يدخل حيّز التنفيذ بعد.
كل هذه التطورات والمواقف تعبر عن حقيقة أن الغرب لا يتّبع سياسة عدائية وأنانية إزاء روسيا فحسب، ولكن أيضا في تنفيذ التزاماته الإنسانية تجاه البشرية جمعاء.
نورنيوز