نورنيوز- لا تنفك موجة الإحتجاجات الأخيرة التي إندلعت بشكل محدود في ايران مؤخراً بذريعة وفاة الشابة مهساء أميني، تتصدّر عناوين نشرات القنوات المعادية للجمهورية الإسلامية، الأمر الذي يستدعي قراءة وتمعّن جيد بمجريات هذا الأمر من كافة المجالات السياسية والاجتماعية والثقافية والأمنية.
واحدة من الأبعاد المهمة لتلك التطورات والرصد الإعلامي المشبوه لها من قبل أذيال الدول الغربية في الخارج، هو دور وموقف وسائل الإعلام الناطقة باللغة الفارسية، والتي لها دور خاص في تحويل الاحتجاج المدني إلى أعمال شغب وتحريض وتأليب المواطنين على العنف، فضلاً عن "السيطرة على أعمال الشغب" بمعنى اتخاذ القرار و توجيه أعمال الشغب في الشوارع، وهو ما حوّل وسائل الإعلام هذه الى القوّة الدافعة لأعمال الشغب والتخريب في الجمهورية الاسلامية في الآونة الأخيرة.
من وجهة نظر أوسع وبغض النظر عن الجذور الاجتماعية والثقافية لحدوث مثل هذه الاحتجاجات، والتي يمكن رؤيتها في بلدان مختلفة، والأمثلة الصغيرة والكبيرة عليها، ما غيّر طبيعة الاحتجاجات وزاد من نسبة العنف وفيها الصورة المشوهة والمزيفة التي تصورها وسائل الإعلام والشبكات الاجتماعية المرتبطة بالتيارات الإرهابية والمضادة للثورة حول حقيقة القضية والسبب غير الواضح لكل هذه الفوضى والتخريب.
في الواقع لو أردنا ترجمة ما يجري على الأرض بشكل أوضح وأفصح، لابد لنا أن نقول حينها أن وسائل الاعلام المعادية حوّلت الإحتجاجات لمطية لها، وذلك بما يصب في مصلحة تأجيج حرب من الجيل الرابع واسعة النطاق ضد ايران، فسيكون من السهل أن نفهم أن "خلق الوهم وتغذيتها" هو أحد أهم سمات هذه الوسائط باعتبارها الركيزة الأساسية لحروب الموجة الرابعة التي تركزت على "الحرب المعرفية او الإدراكية".
بتعبير أدقّ، تغدو عقول العامة أو الشعب في حروب الموجة الرابعة هي ميدان المعركة، إذ يتحّول الى نقطة إستهداف عبر أدوات مختلفة من قبل "نشر الأكاذيب وتشويه الحقائق" و "خلق وهم الأغلبية" و"استقطاب دعم خارجي واسع النطاق" و "تدهور السيادة" وغيرها من الأدوات القذرة لتأجيج هذا النوع من الحروب.
في هذا النوع من الحروب، تغدو مواقع التواصل الإجتماعي الأداة الأكثر أهمية وفعالية في اللعب بعقول عامة الشعب في أي بلد كان.
على عكس العرض الجميل والمخادع الذي يعرضونه حول حرية التعبير والتدفق الحر للمعلومات، فإن هذه الوسائط، من خلال تبني أسلوب "طغيان الأخبار" بكل قوتها، تحاول "قلب" وتشويه فهم ووعي الجمهور لما يحصل على الأرض.
تتجلى هذه المهمة الخاصة بشكل واضح في سلوك وسائل الإعلام الناطقة باللغة الفارسية وشبكات التواصل الاجتماعي الداعمة لها في الأحداث الأخيرة في إيران، على سبيل المثال، مقارنة بين منفذين تابعين لشركة إعلامية مثل بي بي سي يظهر أن بي بي سي الفارسية وتماشيا مع المهمة الموكلة بها، تقوم بتغطية أحداث الشغب في بعض المواقع في إيران على أنها انفجار شعببي والضربات تطال كافة انحاء البلاد، بينما لا يوجد أي أثر لهذه السياسة الإعلامية في "بي بي سي" الدولية.
هذا هو بالضبط سبب غضب هذه وسائل الإعلام من أنباء "الإفراج عن الأرصدة الايرانية المجمدة" في صراع التطورات الداخلية الإيرانية، لأنها تكشف عن تناقض واضح، وتسبب فجوة عميقة في أذهان المتلقين فيما يتعلق بفبركات وسائل الإعلام الغربية وبشأن موقع ايران الراهن في النظام الدولي.
أماً الأسلوب الآخر الذي إنتهجته وسائل الإعلام التابعة لنظام الهيمنة لتأمين العلف اللازم في اتجاه قلب الحقائق المتعلقة بالتطورات في إيران، وهي استخدام أسلوب يقوم على خلق دائرة مغلقة من المعطيات.
وبهذه الطريقة من خلال نشر الأخبار الموجهة بالكامل، فإنهم يثيرون مشاعر بعض الجماعات السياسية والفنية والرياضية وغيرها في الدول الغربية، ومن ناحية أخرى، من خلال إعادة نشر مواقف هؤلاء الأشخاص، والتي لا تؤثر على المجتمع، تحاول إظهار التوجه الرئيسي لدول العالم بشكل موارب، وضخّه نحو الفضاء الداخلي في ايران، وذلك بذريعة إيصال رسالة مفادها أن العالم يدعم المُخرّبين والمغرضين في إيران.
وعلى هذا فالمؤكد أنه ؛ في الحرب المعرفية والمشتركة الواسعة النطاق التي تم تشكيلها ضد الأمة الإيرانية ونظام الجمهورية الإسلامية ، فإن أهم مهمة خاصة لوسائل الإعلام الناطقة باللغة الفارسية هي إثارة المشاعر وخلق الأوهام بهدف العبث بعقول عامة الشعب إزاء حقيقة ما يحصل.
نورنيوز