وأوضحت الصحيفة قائلة إنه في الأيام الفوضوية التي سبقت استشهاد سليماني، وضع المسؤولون العسكريون الأمريكيون خيار القتل، الذي رأوه كأحد أشد الردود الممكنة، ضمن قائمة الخيارات التي قدموها لترامب، ولم يعتقدوا أن الرئيس سيختاره، ففي الحروب التي تم شنها منذ أحداث سبتمبر 2001، عرض مسؤولو البنتاغون خيارات غير مناسبة على الرؤساء من أجل جعل الاحتمالات الأخرى تبدو أكثر قبولا.
وبعد أن رفض ترامب في البداية خيار اغتيال القائد سليماني في 28 ديسمبر وفوض بضربات عسكرية ضد كتائب حزب الله العراقية، شاهد ترامب التقارير التلفزيونية التي نقلت محاولات اقتحام السفارة الأمريكية في بغداد من قبل المحتجين العراقيين الرافضين للاحتلال الامريكي في بلادهم، مما أثار غضبه، بحسب ما قال مسؤولون بالإدارة وبوزارة الدفاع. وبحلول مساء الثلاثاء، اتخذ ترامب قرار المضي قدما في خيار اغتيال الفريق القائد سليماني وهو ما أصاب كبار مسؤولي البنتاغون بحالة من الذهول.
المسؤولون في امريكا شككوا سرا في منطق شنّ ضربة على الشهيد سليماني
ولفتت الصحيفة إلى أن بعض المسؤولين شككوا سرا في منطق شن ضربة على اللواء سليماني قائد فيلق القدس، وبحسب ما قال أحد المسؤولين الأمريكيين أشارت المعلومات الاستخباراتية الجديدة إلى أجواء عادية في الشرق الأوسط في 30 ديسمبر، وأن سليمانى يسافر لأداء أعماله كالمعتاد.
وتابع المسؤول أن المعلومات الاستخباراتية كانت هشة، وقال: إن الهجوم على سليماني لم يكن وشيكا لأن الاتصالات التي اعترضتها واشنطن بين قائد الثورة السيد علي خامنئي والفريق سليماني أظهرت أن قائد الثورة لم يكن قد وافق بعد على أي خطط من قبل القائد سليماني لشن هجوم، وأن قائد الثورة طلب من سليماني المجيء إلى طهران من أجل إجراء المزيد من المناقشات قبل أسبوع على الأقل من جريمة اغتياله الغادرة.
اغتيال سليماني يهدد المعركة ضد داعش
وفى تقرير آخر، حذرت صحيفة "نيويورك تايمز" من تداعيات استشهاد الفريق قاسم سليماني على المعركة ضد داعش الارهابي، وقالت: إن اغتيال ثاني أقوى شخصية في إيران ربما يجعل من المستحيل على القوات الامريكية البقاء في العراق، وهو ما يمكن أن يسهل عودة داعش مرة أخرى.
وأوضحت الصحيفة أن اغتيال سليماني يمثل انتصارا مزدوجا لإرهابيي داعش، فقد أنهى قائد أحد أقوى معارضي التنظيم الإرهابي، والذي كان مسؤولا عن بناء تحالف المقاومة التي قامت بالكثير من المعارك على الأرض لإخراج الارهابيين التابعين للتنظيم في سوريا والعراق، كما أن الاغتيال أعاد توجيه محور المقاومة وحلفاؤهم السياسيين داخل العراق ضد الوجود الأمريكي، مما يثير الشكوك بشأن إمكانية استمرار الحملة التي تقودها الولايات المتحدة للقضاء على بقايا داعش ومنع إحيائه مرة أخرى في العراق وسوريا.
خبير دولي: إجراء ترامب هو بالتحديد الاختراق الذي أراده داعش
وقال سام هيلر، المحلل بمجموعة الأزمات الدولية الذي يدرس المعركة ضد داعش، إن هذا هو بالتحديد الاختراق الذي أراده التنظيم، لكي يمنحه حيزا للعمل والسماح بكسر هامشيته الحالية. وحتى لو لم تنسحب القوات الأمريكية على الفور، فمن الصعب جدا بالنسبة لهيلر كما يقول تخيل أنهم سيظلوا قادرين على الاستمرار في المعركة ضد داعش.
ويقول مسؤولون سابقون في امريكا إن تصاعد المواجهة بين الولايات المتحدة ومحور المقاومة، سيعني أن القوات الأمريكية في كلا من سوريا والعراق يجب أن تقلق كثيرا بشأن حماية نفسها من الهجمات وهم يخوضون قتالا ضد داعش، وهو ما سيكون إلهاء قد يعيق الحملة ضد التنظيم بشكل خطير.
وقالت دانا سترول، المسؤول السابق بالبنتاغون: إن القوات الامريكية سينصب تركيزها على حماية نفسها بدلا من محاربة داعش". وسيكون أول اختبار، كما هو متوقع، عندما يصوت البرلمان العراقي لطرد القوات الأمريكية من العراق.
إيران لن تتعجل في انتقامها من أمريكا لجريمتها باغتيال سليماني
من جانبها قالت صحيفة "واشنطن بوست" الأمريكية إنه على الرغم من أن إيران تعهدت بالانتقام من امريكا بعد استشهاد قائدها العسكري قاسم سليماني، إلا أن طهران ليست في عجلة من أمرها على ما يبدو.
وأشارت الصحيفة، في تحليل لها على موقعها الإلكتروني، إنه في الوقت الذي كان ترامب فيه يكثف من العقوبات والتهديدات ضد إيران على مدار الأشهر الثمانية الماضية، كانت طهران تعمل وفقا لافتراض أنه لن يجرؤ على المخاطرة بحرب صريحة، لاسيما مع اقتراب موعد الانتخابات الأمريكية. لكن اغتيال قاسم سليماني نسف هذه الحسابات وخلق معضلة جديدة مفاجئة أمام قادة إيران وهم يبحثون عن طرق للانتقام بدون وجود المخطط الإستراتيجي الرئيسي لهم، وهو سليماني.
ويقول المحللون إنه لا شك في إنه إيران سترد، لأن عدم فعل ذلك سيكون إشارة ضعف من شأنها أن تقوض النفوذ الهائل الذي اكتسبته في المنطقة على مدار العقود الأربعة الماضية، على حد قولهم.
ويقول المحللون: إن إيران عليها أن تحدد ردها، بحيث يسبب ما يكفي من الضرر لأمريكا ويعتبر انتقاما لقتل سليماني، دون أن يتسبب في اشتعال حرب كبرى.